الإشارة : من أحب شيئاً كان عبداً له، ومن عبد شيئاً حُشر معه. رُوي : أن الدنيا تبعث على صورة عجوز شمطاء زرقاء، تنادي : أين أولادي وأحبابي ؟ ثم تذهب إلى جهنم فيذهبون معها. فمن عبد دنياه وهواه وقف موقف الهوان، ومن أحب مولاه ولم يحب معه شيئاً سواه، وقف موقف العز والتقريب في مواطن الإحسان. فهناك تفضح السرائر، وتكشف الضمائر، وتظهر مقامات الرجال، ويفتضح من أسر النقص وادعى الكمال فيرتفع المقربون إلى شهود مولاهم الحق، ويبقى المدعون مع حظوظهم في حجاب الحس والخلق. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥٦
يقول الحق جلاله :﴿قل﴾ لهم :﴿من يرزقُكُم من السماء﴾ بإنزال الأمطار، وإنبات الحبوب، فإن الأرزاق تحْصل بأسباب سماوية ومواد أرضية، أو من كل واحد منهما ؛ توسعة عليكم، أو من السماء لأهل التوكل، ﴿و﴾ من ﴿الأرض﴾ لأهل الأسباب. وقل لهم أيضاً :﴿أمَّن يملك السمعَ والأبصارَ﴾ أي : من يستطيع خلقهما وتسويتهما، أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتهما، وسرعة انفعالهما من أدنى شيء، أو مَن أمرهُما بيده، إن شاء ذهب بهما ؟ وقل لهم أيضاً :﴿ومن﴾ يقدر أن ﴿يُخرج الحيَّ من الميت ويخرجُ الميت من الحيَّ﴾، فيخرج الحيوان من النطفة من الحيوان ؟ وهكذا.
١٥٧