الإشارة : يقول الحق جل جلاله للمريدين المتوجهين لحضرة محبوبهم : فلَمْ تقتلوا نفوسكم بمجاهدتكم ؛ إذ لا طاقة لكم عليها، ولكن الله قتلها بالنصر والتأييد، حتى حييت بمعرفته، ويقول الشيخ : وما رميت القلوب بمحبتي ومعرفتي، ولكن الله رمى تلك القلوب بشيء من ذلك، وإنما أنت واسطة وسبب من الأسباب العادية، لا تأثير لك في شيء من ذلك.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤
حُكي أن الحلاج، لما كان محبوساً للقتل، سأله الشبلي عن المحبة، فقال : الغيبة
١٤
عما سوى المحبوب، ثم قال : يا شبلي، ألست تقرأ كتاب الله ؟ فقال الشبلي : بلى، فقال : قد قال الله لنبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ :﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾، يا شبلي ؛ إذ رَمَى اللَّهُ قَلْبَ عبده بِحَبََّةٍ من حُبّه، نادى عليه مدى الأزمان بلسان العتاب. هـ. والمقصود بذلك : تخصيص أوليائه المقربين بالمحبة والمعرفة والتمكين، وتوهين كيد الغافلين المنكرين لخصوصية المقربين. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤
يقول الحق جل جلاله لكفار مكة على جهة التهكم :﴿إن تستفتحوا﴾ أي : تطلبواالفتح، أي : الحكم على أهْدى الفئتين وأعلى الجندين وأكرم الحزبين ﴿فقد جاءكم﴾ الحكم كما طلبتم، فقد نصر الله أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين، وهو محمد ﷺ وحزبه، ﴿وإن تنتهوا﴾ عن الكفر ومعاداة الرسول، ﴿فهو خيرٌ لكم﴾ ؛ لتضمنه سلامة الدارين وخير المنزلين، ﴿وإن تعودوا﴾ لمحاربته ﴿نعد﴾ لنصره، ﴿ولن تغني﴾ ؛ تدفع ﴿عنكم فئتكم﴾ ؛ جماعتكم ﴿شيئاً﴾ من المضار ﴿ولو كثُرت﴾ فئتكم، إذ العبرة بالنصرة لا بالكثره، ﴿وإن الله مع المؤمنين﴾ بالنصر والمعونة.


الصفحة التالية
Icon