ومن قرأ بالفتح ؛ فعلى حذف الجار، أي : ولأن الله مع المؤمنين، وقيل : الخطاب للمؤمنين، والمعنى : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وإن تنتهوا عن التكاسل في القتال، والرغبة عما يختاره الرسول، فهو خير لكم، وإن تعودوا إليه نعد عليكم الإنكار، أو تهييج العدو، ولن تغني، حينئذٍ عنكم كثرتكم ؛ إذ لم يكن الله معكم بالنصر، فإنه مع الكاملين في إيمانهم. قال البيضاوي.
الإشارة : إن تستفتحوا أيها المتوجهون، أي ؛ تطلبوا الفتح من الله في معرفته، فقد جاءكم الفتح، حيث صح توجهكم وتركتم حظوظكم وعلائقكم، لأن البدايات مَجْلاَةُ النهايات، من وجد ثمرة عمله عاجلاً فهو علامة القبول آجلاً، وإن تنتهوا عن حظوظكم وعوائقكم فهو خير لكم، وبه يقرب فتْحُكُم، وإن تعودوا إليها نعد إليكم بالتأديب والإبعاد، ولن تغني عنكم جماعتكم شيئاً في دفع التأديب، أو البعد ولو كثرت، وأن الله مع المؤمنين الكاملين في الإيمان ؛ بالنصر والرعاية.
١٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٥
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله﴾ فيما أمركم به ونهاكم عنه، ﴿ورسولَه﴾ فيما ندبكم إليه من الجهاد وغيره، ﴿ولا تَولوا﴾ أي : تُعرضوا عن الرسول ﴿وأنتم تسمعون﴾ القرآن يأمركم بالتمسك به، والاقتداء بهديه. والمراد بالآية : النهي عن الإعراض عن الرسول. وذكرُ طاعة الله إما هو للتوطئة والتنبيه على أن طاعة الله في طاعة الرسول، لقوله :﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللَّه﴾ [النساء : ٨٠]، ثم أكد النهي بقوله :﴿ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا﴾ بآذاننا، كالكفرة والمنافقين، ادَّعَوْا السماع، ﴿وهم لا يسمعون﴾ سماعاً ينتفعون به، فكأنهم لا يسمعون رأساً.