﴿أثم إذا ما وقع آمنتم به﴾ أي : أثم تؤمنون إذا وقع العذاب وعاينتموه، حين لا ينفعكم إيمانكم، ﴿الآن﴾ أي : فيقال لكم الآن آمنتم حين فات وقته، ﴿وقد كنتم به تستعجلون﴾ تكذيباً واستهزاء، ﴿ثم قيل للذين ظلموا﴾ بعد هلاكهم :﴿ذُوقُوا عذابَ الخُلد﴾ أي : العذاب المؤلم الذي تخلدون فيه، ﴿هل تُجْزَوْنَ إلا ما كنتم تكسِبُون﴾ من الكفر والمعاصي.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٦
الإشارة : لا يشترط في الولي أن يكاشف بالأمور المغيبة حتى يحترز من المكاره أو يجلب المنافع، إذ لم يكن ذلك للنبي، فكيف يكون للولي ؟ بل هو معرض للمقادير الجارية على الناس، يجري عليه ما يجري عليهم، نَعْم.. باطنه محفوظ من السخط أو القنط، يتلقى كل ما يلقى إليه بالرضا والتسليم. فمن شرط ذلك فيه فهو محروم من بركة أولياء زمانه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٦
قلت :(أحق) : مبتدأ، والضمير فاعله سد مسد الخبر، و(إي) : حرف جواب، بمعنى نعم، وهو من لوازم القسم، لذلك يوصل بواوه، فيقال : إي والله، ولا يقال " إي " وحُده.
يقول الحق جل جلاله :﴿ويستنبئونَكَ﴾ أي : يستخبرونك ﴿أحقٌ هُو﴾ أي : ما تقول من الوعد أو ادعاء النبوة، قيل : قاله حيي بن أخطب لما قدم مكة. ﴿قل﴾ لهم :﴿إي وربي إنه لحقٌّ﴾ أي : العذاب الموعود لحق، أو ما ادعيته من النبوة لثابت، والأول أرجح لقوله :﴿وما أنتم بمعجزين﴾ : بفائتين العذاب الموعد.
﴿ولو أنَّ لكلِّ نفسٍ ظلمتْ﴾ بالشرك أو التعدي على الغير ﴿ما في الأرض﴾ من خزائنها وأموالها ﴿لافتدتْ به﴾ : لجعلته فدية لها من العذاب، ﴿وأسرُّوا الندامة﴾ أي : أخفى رؤساء هؤلاء الكفار الندامة خوف الشماتة والتعيير من سفلتهم، ﴿لمَّا رأوا العذاب﴾، أو جميعهم، لأنهم بهتوا بما عاينوا، مما لم يحتسبوا من فظاعة الأمر وهوله، فلم يقدروا أن ينطقوا، وقيل : أظهروها، من قولهم : أسر الشيء : أظهره، ومنه : أسارير


الصفحة التالية
Icon