الإشارة : ما وعد به الحق سبحانه القاصدين إليه من الوصول والمعرفة به حق، إن وفوا بشرطه، وهو صحبة من يوصل إليه، مع الصدق والتعظيم، وإخلاص القصد، هو يحيي قلوباً بمعرفته، ويميت قلوباً بالغفلة والجهل به، وإليه ترجعون، فيظهر العارف من الجاهل والذاكر من الغافل.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٨
قلت :(بفضل الله) يتعلق بمحذوف، يفسره ما بعده، أي : ليفرحوا بفضل الله، أو بقوله :" فليفرحوا ". وكرر قوله :(فبذلك) تأكيداً والفاء بمعنى الشرط، كأنه قال : إن فرحوا بشيء فبهما فليفرحوا.
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها الناسُ قد جاءتكم موعظة من ربكم﴾ يعنى القرآن العظيم، ﴿وشفاء لما في الصدور﴾ من الشك والجهل، ﴿وهُدىً ورحمةٌ للمؤمنين﴾ هداية في بواطنهم بأنوار التحقيق، ورحمة في ظواهرهم بآداب التشريع.
قال البيضاوي : قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية، الكاشف عن محاسن الأعمال وقبائحها، والراغبة في المحاسن، والزاجرة عن القبائح، والحكمة النظرية التي هي شفاء لما في الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد، وهدى إلى الحق واليقين، ورحمة للمؤمنين ؛ حيث أنزلت عليهم فنجوا من ظلمات الضلال بنور الإيمان، وتبدلت مقاعدهم من طبقات النيران بمصاعد من درجات الجنان. والتنكير فيها للتعظيم. هـ.
﴿قل بفضل الله وبرحمته﴾ أي : بمطلق الفضل والرحمة، ﴿فبذلك فليفْرَحُوا﴾ لا بغيره، أو الفضل : الإسلام، والرحمة : القرآن. وقرأ يعقوب بتاء الخطاب، ورُوي مرفوعاً، ويؤيده قراءة من قرأ :" فافرحوا "، ﴿هو خيرٌ مما يجمعون﴾ من حطام الدنيا، فإنها إلى الزوال، وقرأ ابن عامر :" تجمعون " بالخطاب، على معنى : فبذلك فليفرح المؤمنون، فهو خير مما تجمعون أيها المخاطبون.


الصفحة التالية
Icon