يقول الحق جل جلاله :﴿ألا إن لله مَن في السماوات ومن في والأرض﴾ من الملائكة والثقلين ملكاً وعبيداً، فلا يصلح أحد منهم للألوهية، وإذا كان هؤلاء الذين هم أشرف الممكنات لا تصلح للربوبية، فأحرى الجامدات التي يدعونها آلهة، ﴿وما يتبعُ الذين يدعُون من دون الله شركاءَ﴾ أي : أيُّ شيء يتبعون، تحقيراً لهم، أو ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء يقيناً، ﴿إن يتبعون إلا الظنَّ﴾ وما سولت لهم أنفسهم، ﴿وإن هم إلا يخرصُون﴾ : يكذبون فيما ينسبون إلى الله، أو يحزرُون ويقدرون أنها شركاء تقديراً باطلاً، بل الواجب أن يعبدوا من عمت قدرته ونعمُه على خلقه، ولذلك قال :﴿هو الذي جعل لكم الليلَ لتسكنوا فيه﴾ راحة لأبدانكم، ﴿والنهارَ مبصراً﴾ طلباً لمعاشكم، وفيه تنبيه على كمال قدرته وعظيم نعمته، ليدُلهم على تفرده باستحقاق العبادة ﴿إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون﴾ سماع تدبر واعتبار.
الإشارة : كل من ركن إلى شيء دون الله، محبة أو خوفاً أو طمعاً فيه، فقد أشرك مع الله، ولم يتبع إلا الظن والوهم، وفي الحِكَم :" ما قادك شيءٌ مثلُ الوهم، أنت حرٌ مما أنت آيس، وعبد لما أنت فيه طامع، فكيف يترك العبد سيده الذي بيده ملك السماوات والأرض، ويتعلق بعبد مثله حقير ؟. يترك الملك الكبير ويتعلق بالعبد الصغير ". هو الذي
١٧٤
جعل ليل القبض لتسكنوا فيه عن التعلق بالغير، ونهار البسط لتبصروا في انتشاركم الحقائق العرفانية والأسرار الربانية، إن كنتم تسمعون به ومنه، فتنزهونه عما لا يليق به.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٤
قلت :(عندكم) : متعلق بالاستقرار، و(من سلطان) فاعل به ؛ لأن المجرور والظرف إذا نفى يرفع الفاعل بالاستقرار، و(متاع) : خبر، أي : ذلك متاع... الخ.


الصفحة التالية
Icon