﴿ثم لا يكن أمرُكم﴾ في قصد إهلاكي ﴿عليكم غُمَّة﴾ : مستوراً خفيَّاً، بل اجعلوه ظاهراً مكشوفاً تتمكنون فيه، لأن من يكتم أمراً ويخفيه لا يقدر أن يفعل ما يريد، أو ثم لا يكن حالكم عليكم غمَّاً، أي : لا يلحقكم غم إذا أهلكتموني وتخلصتم من ثقل مقامي
١٧٦
وتذكيري. ﴿ثم اقْضُوا﴾ أي : انفذوا قضاءكم ﴿إليَّ﴾ فيما تريدون. وقرأ السري بن يَنْعَم :" أفضوا " بالفاء وقطع الهمزة، أي : انتهوا إليَّ بشرِّكم، ﴿ولا تُنظرون﴾ : ولا تمهلون.
﴿فإن توليتم﴾ : أعرضتم عن تذكيري، ﴿فما سألتُكم من أجرٍ﴾ يوجب توليكم وإعراضكم لثقله عليكم. واتهامكم إياي لأجله، أو يفوتني إذا توليتم عني، ﴿إنْ أجْرِيَ﴾ : ما ثوابي على الدعوة والتذكير ﴿إلا على اللهِ﴾ لا تعلق لي بشيء دونه، آمنتم أو توليتم، ﴿وأُمرتُ أن أكون من المسلمين﴾ المنقادين لحكمه، لا أخالف أمره. ولا أرجو غيره.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٧٦
فكذّبوه﴾
: فأصروا على تكذيبه بعد إلزامهم الحجة، وتبين ان توليهم ليس إلا لعنادهم وتمرُّدهم فلا جرَم حقت عليهم كلمة العذاب، فهلكوا بالغرق، ﴿فنجيناه ومن﴾ آمن ﴿معه في الفلك﴾، وكانوا ثمانين، ﴿وجعلناهم خلائفَ﴾ عمروا الأرض بعد الهالكين وخلفوهم فيها، ولم يُعقب منهم إلا أولاد نوح عليه السلام، ﴿وأغرقنا الذين كذَّبوا بآياتنا﴾ بالطوفان، ﴿فانظرْ كيف كان عاقبةُ المنذَرين﴾، تعظيم لما جرى عليهم، وتحذير لمن كذب الرسول، وتسلية له. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon