قال ابن جزي :﴿استغفروا ربكم﴾ مما تقدم من الشرك والمعاصي، ثم ارجعوا إليه بالطاعة والاستقامة. هـ. وقال الواحدي :﴿استغفروا ربكم﴾ من ذنوبكم السابقة، ﴿ثم توبوا إليه﴾ من المستأنفة متى وقعت. هـ. ﴿يمتعكم متاعاً حسناً﴾ ؛ يحييكم حياة طيبة بالأرزاق والنعم والخيرات، فتعيشوا في أمن ودعة. ﴿إلى أجل مسمَّى﴾ ؛ تمام أجلكم، فلا يستأصلكم بالعذاب، أو يمتعكم بالرجاء فيه والرضا بقضائه ؛ لأن الكافر قد يمتع بالأرزاق في الدنيا ؛ استدراجاً، ﴿ويُؤتِ﴾ في الآخرة ﴿كلَّ ذي فضلٍ﴾ ؛ عمل صالحاً، ﴿فضله﴾ أي : جزاء فضله، فيُوفي ثوابه عمله، أو يعطي كل ذي فضل في دينه جزاء فضله في الدنيا والآخرة. وهو وعد للمؤمن التائب بخير الدارين.
﴿وإن تَولَّوا﴾ أي : وإن تتولوا عما أمرتكم به، ﴿فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير﴾ ؛ يوم القيامة، أو يوم الشدة بالقحط والجوع، وقد نزل بهم حتى أكلوا الجيف. أو يوم بدر ﴿إلى الله مرجِعُكم﴾ أي : رجوعكم في ذلك اليوم الكبير، أو بالموت، ﴿وَهُوَ عَلَىا كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ؛ فيقدر على بعثهم وعذابهم أشد العذاب. وكأنه تقرير لكبر اليوم.
﴿ألا أنهم يَثْنُونَ صدورَهم﴾ ؛ يلوونها عن الحق وينحرفون عنه، أو يعطفونها على الكفر وعداوة النبي ﷺ، أو يولون ظهورهم إلى النبي ﷺ ؛ لئلا يروه من شدة البغض والعداوة، ﴿ليستخفوا منه﴾ أي : من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أو : من الله بسرهم،
١٩٤
فلا يطلع رسوله والمؤمنين عليه. قيل : إنها نزلت في طائفة من المشركين، قالوا : إن أرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وطوينا صدورنا على عداوة محمد ﷺ كيف يعلم ذلك ؟ والحاصل : أن الإثناء إن كان عن الحق ـ فالضمير في :(منه)، يعود على الله، وإن كان عن النبي ﷺ فالضمير يعود عليه ؛ وفي البخاري عن ابن عباس : أنها نزلت فيمن كان يستحي أن يتخَلّى أو يجامع فيفضي إلى السماء.