الفناء، ومستودعها في البقاء، أو مستقرها في التلوين ومستودعها في التمكين، أو مستقرها في عالم الأشباح، ومستودعها في عالم الأرواح. وأنشدوا :
كُلُّ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ أو تَرَاه
فَهوَ للقبضتين يُشيرُ
ضع قميصي عن العيون ترى ما
غاب عنك فقد أتاك البشير
فالمراد بالقبضتين : الحس والمعنى، وإن كانا في الأصل قبضة واحدة، لكن لما تجلت بالضدين سمَّاها قبضتين. فالحس رداء للمعاني. وسماه هنا قميصاً ؛ لأنه يستر كالرداء، فإذا رفع القميص عن عُيون البصيرة رأت ما غاب عنها من أنوار الملكوت وأسرار الجبروت، وهذا معنى قوله : ضع قميصي عن العيون. إلخ... وَرَفْعُ حجاب المعنى عن البصيرة هو بشير الولاية وعنوانها. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٥
يقول الحق جل جلاله :﴿وهو الذي خلق السماوات والأرض﴾ وما بينهما وما فيهما ﴿في﴾ مقدار ﴿ستة أيام﴾ من أيام الدنيا، أو خلق العالم العلوي والسفلي في مقدار ذلك. وجمع السماوات دون الأرض ؛ لاختلاف العلويات بالأصل والذات دون السفليات. ﴿وكان عرشه على الماء﴾ قيل : لم يكن بينهما حائل، وكان موضوعاً على متن الماء. واستدل به على إمكان الخلاء، وعلى أن الماء أول حادث بعد العرش من أجرام هذا العالم. وقيل : كان الماء على متن الريح. والله أعلم بذلك. قاله البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon