قلت : الخلاء هو الفضاء الخارج عن دائرة الأكوان. وهو عند المتكلمين من جملة الممكنات، ووجه الاستدلال من الآية على إمكانه : أن العرش والماء لما كانا محصورين لزم أن يكون ما خرج عنهما خلاء، وكل ما سوى الله فهو ممكن. وعند الصوفية : هو أسرارالذات الأزلية الجبروتية، كما أن الأكوان هي أنوار الصفات الملكوتية، ولا شيء معه، ﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾. ونقل بعض أهل التاريخ : أن الله تعالى خلق بعد العرش ياقوته صفراء، ذكروا من عظمتها وسعتها، ثم نظر إليها، فذابت من هيبته، فصارت ماء، فكان العرش مرتفعاً فوقها، ثم اضطرب ذلك الماء، فعلته زبدة، خلق منها الأرض، ثم ارتفع من الماء دخان خلق منه السماوات. هـ.
خلق ذلك ﴿لِيبلُوكم أيُّكم أحسن عملاً﴾ أي : ليختبركمْ اختباراً تقوم به الحجة عليكم، ﴿أيكم احسن عملاً﴾ بالزهد في هذا العالم الفاني، وتعلق الهمه بالعالم الباقي
١٩٧
قال البيضاوي : أي : يعاملكم معاملة المبتلى لأحوالكم، كيف تعملون ؟ فإن جملة ذلك أسباب ومواد لوجودكم ومعاشكم، وما تحتاج إليه أعمالكم، ودلائل وأمارات تستدلون بها وتستنبطون منها. ثم قال : فالمراد بالعمل ما يعم عمل القلب والجوارح. ولذلك قال ﷺ :" أيكم أحسن عقلاً وأروع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله ". والمعنى : أكمل علماً وعملاً. هـ.