قال المحشي : ويتجه كون المعنى : أيكم أكثر شكراً لله على تمهيد تلك المنافع والمصالح. والشكر يشمل الطاعات القلبية والبدنية. ويحتمل أنه كآية :﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات : ٥٦]. وأن بقاء الدنيا وخلقها إنما هو للتكليف، فإذا لم يبق في الأرض من يعبد الله انقضت الدنيا، وجاءت الساعة، كما تقتضيه الأحاديث الصحاح والمتبادر ما قدمناه، وحاصله : أنه خلق الأشياء من أجل ابن آدم، ولتدله على خالقه فيجني بها ثمار معرفته تعالى، ويعترف بشكره، وإفراد عبادته. وقد جاء :" خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي ".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٩٧
قلت : فيكون المعنى : هو الذي أظهر الوجود من عرشه إلى فرشه، ليختبركم أيكم أحسن عملاً بالاشتغال بالله، والعكوف في حضرته دون الوقوف مع ظاهر الكون، والاشتغال بحسه، مع كونه خُلق من أجله. ثم قال : وقوله تعالى :﴿لئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت...﴾ الآية، هو : تنبيه على أن الإنكار الكفار للبعث بعد إقرارهم بأن الله تعالى خالق العالم، الذي هو أعظم من البعث، تناقض منهم ؛ لأن إقرارهم بقدرته على الأكبر، ثم إنكارهم لما هو أيسر تناقض. هـ. أي : ولئن ذكرت لهم البعث بعد الموت لقالوا ما هذا إلا سحر ظاهر. أي : ما البعث أو القول به، أو القرآن المتضمن لذكره إلا كالسحر في الخديعة أو البطلان. وقرأ حمزة ساحر أي : القائل بهذا. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon