﴿الذين يصُدُّون عن سبيل الله﴾ ؛ عن دينه، ﴿ويبغونها عِوَجاً﴾ ؛ يصفونها بالانحراف عن الحق والصواب. أو يبغون أهلها أن يعرجوا عنها بالردة والكفر، أو يطلبون اعوجاجها بالطعن فيها. ﴿وهم بالآخرة هم كافرون﴾ أي : والحال أنهم كافرون بالبعث. وتكرير الضمير ؛ لتأكيد كفرهم واختصاصهم به.
﴿أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض﴾ أي : ما كانوا ليعجزوا الله في الدنيا أن يعاقبهم. بل هو قادر على ذلك، واخرهم ليوم الموعود، ليكون أشد وأدوم. ﴿وما كان لهم من دون الله من أولياءَ﴾ يمنعونهم من العقاب، ﴿يضاعف لهم العذاب﴾ بسبب ما اتصفوا به، كما ذكره بقوله :﴿ما كانوا يستطيعون السمعَ وما كانوا يبصرون﴾ ؛ لتصاممهم عن الحق، وبغضهم أهله. ﴿أولئك الذين خسروا أنفسَهم﴾ حين اشتروا عبادة الأصنام بعبادة الله، ﴿وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾ من أن الأصنام تشفع لهم، أو خسروا بما بدلوا وضاع عنهم ما أملوا، فلم يبق لهم سوى الحسرة والندامة. ﴿لا جرم﴾ لا شك، أو لا بد
٢٠٦
﴿أنهم في الآخرة هم الأخسرون﴾ : فلا أحد أكثر خسراناً منهم ؛ حيث حرموا النعيم المخلد، واستبدلوا بالعذاب المؤبد.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٦
ثم ذكر ضدهم فقال :﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتُوا﴾ أي : اطمأنوا أو خشعوا، أو تابوا ﴿إلى ربهم أولئك اصحابُ الجنة هم فيها خالدون﴾ ؛ دائمون.


الصفحة التالية
Icon