﴿مَثَلُ الفريقين﴾ المتقدمين ؛ فريق الكافر وفريق المؤمن :﴿كالأعمى والأصمّ والبصير والسميع﴾، فمثل الكافر كمن جمع بين العمى والصمم، ومثل المؤمن كمن جمع بين السمع والبصر. فالواو لعطف الصفات، ويجوز أن يكون شبه الكافر بمن هو أعمى فقط، وبمن هو أصم فقط والمؤمن بضدهما، فهو تمثيل للكافرين بمثالين، قاله ابن جزي. وقال البيضاوي : يجوز أن يراد به تشبيه الكافر بالأعمى ؛ لتعاميه عن آيات الله، وبالأصم لتصاممه عن استماع كلام الله، وتأبيه عن تدبره معانيه. أو تشبيه المؤمن بالسميع والبصير ؛ لأن أمره بالضد، فيكون كل منهما مشّبهاً باثنين باعتبار وصفين. أو تشبيه الكافر بالجامع بين العمى والصمم، والمؤمن بالجامع بين ضديهما، والعاطف لعطف الصفة على الصفة، كقوله : فالأدب الصَّابُح فالغانم، فهذا من بيان اللف والطباق. هـ. ﴿هل يستويان﴾ : هل يستوي الفريقان ؟ ﴿مثلاً﴾ ؛ أي : جهة التمثيل، بل لا استواء بينهما، ﴿أفلا تذكرون﴾ ؛ تتعظون بضرب الأمثال فترجعون عن غيكم.
الإشارة : كل من ترامى على مراتب الرجال، أو ادعى مقاماً من المقامات وهو لم يدركه، يريد بذلك إمالة وجوه الناس إليه، يُفضح يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، ويقال له :﴿هؤلاء الذين كَذَبوا على ربهم...﴾ الآية. فكل آية في الكفار تجر ذيلها على عُصاة المؤمنين. وقد تقدم أمارات من كان على بينة من ربه، فمن ادعى مقاماً من تلك المقامات وهو يعلم أنه لم يصله نادى عليه الآية.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٦
قلت : من قرأ : إني ؛ بالكسر، فعلى إرادة القول، ومن قرأ بالفتح، فعلى إسقاط الخافض، أي : بأني، و(بادي الرأي) : ظرف لـ(اتبعك)، على حذف مضاف أي : وقت حدوث أول رأيهم. وهو من البدء أي : الحدوث، أو من البُدُوِّ، أي : الظهور. أي :
٢٠٧
اتبعوك في ظاهر الرأي دون التعمق في النظر.