يقول الحق جل جلاله :﴿قال﴾ نوح لقومه :﴿يا قوم أرأيتم﴾ : أخبروني، ﴿إن كنت على بينة من ربي﴾ ؛ على طريقة واضحة من عند ربي، أو حجة واضحة شاهدة بصحة دعواي، ﴿وآتاني رحمة من عنده﴾ النبوة، ﴿فعميت﴾ ؛ خفيت ﴿عليكم﴾ فلم
٢٠٨
تهتدوا إليها، ﴿أنلزمكموها﴾ ؛ أنكرهكم على الاهتداء بها ﴿وأنتم لها كارهون﴾ لا تختارونها ولا تتأملون فيها. ولم يؤمر بالجهاد، بل تركهم حتى نزل بهم العذاب.
الإشارة : طريقة أهل التذكير ـ الذين هم على بينة من ربهم ـ أنهم يُذكرون الناس، ولا يكرهون أحداً على الدخول في طريقهم، إذا عميت عليهم، والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٠٨
يقول الحق جل جلاله : ، حاكياً عن نوح عليه السلام :﴿ويا قوم لا أسألكم عليه﴾ ؛ على التبليغ المفهوم من السياق، ﴿مالاً﴾ : جُعلاً انتفع به، ﴿وإن أجري إلا على الله﴾ ؛ فإنه المأمول منه. ثم طلبوا منه طرد الضعفاء ليجالسوه، فقال لهم :﴿وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم﴾ فيخاصموني إن طردتهم، أو : إنهم ملاقوه فيفوزون بقربه، فكيف أطردهم ؟ ﴿ولكني أراكم قوماً تجهلون﴾ لقاء ربكم، أو بأقدارهم، أو تسفهون عليهم فتدعُوهم أرذال، أو قوماً جُهالاً استحكم فيكم الجهل وشختم فيه، فلا ينفع فيكم الوعظ والتذكير. ﴿ويا قوم من ينصرني من الله﴾ : من يدفع انتقامه عني ﴿إن طردتهم﴾ وهم بتلك الصفة الكاملة من الإيمان والخوف منه ؟ ﴿أفلا تذكرون﴾ فتعلموا أن التماس طردهم، وتوقيف الإيمان عليه ليس بصواب.


الصفحة التالية
Icon