وعلم الأشباح والأرواح، وعلم الملك والملكوت. وتحمل من تمسك بها من أهل المحبة والوداد، إلا من سبق عليه القول بالمكث في مقام البعاد، وتحمل من آمن بخصوصيتها من العباد، فتقربه من مسلك التوفيق والتسديد، حين يمن الحق تعالى عليها بالقرب من أهل المحبة والوداد. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١٣
قلت :(مَجْريها ومرساها) : مشتقان من الجري والإرسال، أي : الثبوت، وهما إما ظرفان زمانيان، أو مكانيان، وإما مصدران، والعامل فيهما : ما في (بسم الله) من معنى الفعل. وإعراب " بسم الله " : إما حال مقدرة من الضمير في " اركبوا "، أي : اركبوا متبركين بسم الله، أو قائلين : بسم الله، وقت إجرائها وإرسائها. أو (مجراها ومرساها) : مبتدأ، و(بسم الله) : خبر : فيوقف على (فيها) ؛ أي : إجراؤها وإرساؤها حاصل بسم الله.
يقول الحق جل جلاله : وقال نوح لمن كان معه :﴿اركبوا﴾ في السفينة وسيروا فيها. رُوي أنهم ركبوا أول يوم من رجب، وقيل : يوم العاشر منه، واستوت على الجودي يوم عاشوراء، ﴿بسم الله مَجْريها ومُرْساها﴾ أي : متبركين بسم الله وقت إجرائها، أو قائلين بسم الله وقت إجرائها وإرسائها، رُوي : أنه عليه السلام كان إذا أراد أن يجري السفينة قال : بسم الله، فتجري، وإن أراد أن يوقفها قال : بسم الله، فتوقف. ﴿أن ربي لغفور رحيم﴾، فلولا مغفرته لما فرط منكم، ورحمته إياكم، لَما أنجاكم. فركبوا مسلمين وساروا.
﴿وهي تجري بهم في موج كالجبال﴾، والموج : ما يرتفع من الماء عند اضطرابه، أي : كل موجة من الطوفان كالجبال في تراكمها وارتفاعها، وما قيل من أن الماء أطبق ما بين السماء والأرض، وكانت السفينة تجري في جوفه، لم يثبت. وكيف يكون الموج كالجبال ؟ والمشهور أنه علا شوامخ الجبال، خمسة عشر ذراعاً، وإنْ صح ذلك فلعل ارتفاع الموج كالجبال كان قبل التطبيق.