الحقوق، أو أرض الحظوظ بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، لا بقصد متابعة الشهوة والمتعة. اهبط بسلام منا ؛ أي : بسلامة من الرجوع أو الشقاء. وبركات عليك وعلى من تبعك. ولذلك قيل : من رجع إلى البقاء أمن من الشقاء. وأمم قد ضلوا عن متابعتك، سنمتعهم في الدنيا بمتابعة الهوى، ثم يمسهم منا عذاب الحجاب وسوء الحساب. تلك الواردات الإلهيةُ نُوحيها إليك، ما كنت تعلمها أيها العارف من قبل هذا، أنت ولا من تبعك، فاصبر ؛ فإن الجمال مقرون بالجلال، والعاقبة للمتقين. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢١٩
قلت :" أخاهم " : عطف على نوح في قوله :(ولقد أرسلنا نوحاً)، و(هوداً) : بدل.
يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ أرسلنا ﴿إلى﴾ قبيلة ﴿عادٍ أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله﴾ وحده، ﴿ما لكم من إله غيرُهُ﴾ يستحق أن يعبد، ﴿إن أنتم إلا مُفترون﴾ على الله، باتخاذ الأوثان آلهة. ﴿يا قوم لا أسألكم عليه﴾ : على التبليغ ﴿أجراً﴾ حتى يثقل عليكم، أو تتهموني لأجله ﴿إنْ أجْرِيَ إلا على الذي فطرني﴾ ؛ خلقني. بهذا خاطب كل رسول قومَه ؛ إزاحةً للتهمة، وتمحيصاً للنصيحة، فإنها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع. ﴿أفلا تعقلون﴾ : أفلا تستعملون عقولكم ؛ فتعرفوا المحق من المبطل، والصواب من الخطأ.
﴿ويا قوم استغفروا ربكم﴾ من الشرك، ﴿ثم توبوا إليه﴾، ثم ارجعوا إليه بطاعته فيما أمر ونهى. أو : ثم توبوا من المعاصي ؛ لأن التوبة من الذنوب لا تصح إلا بعد الإيمان، والتطهير من الشرك، ﴿يُرسل السماء عليكم مدراراً﴾ أي : كثير الدر، أي النزول، ﴿ويَزدْكُم قوة إلى قوتكم﴾ : يضاعف قوتكم، ويزدكم فيها. وإنما دعاهم إلى الله، ووعدهم بكثرة المطر، وأعقم أرحام نسائهم ثلاثين سنة ؛ فوعدهم هود عليه السلام على الإيمان والتوبة بالأمطار وتضاعف القوة بالتناسل. قاله البيضاوي.