ثم برهن عليه بقوله :﴿ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها﴾ : إلا وهو مالك لها، قادرٌ عليها، يصرفها على ما يريد بها. والأخذ بالنواصي تمثيل لذلك. قاله البيضاوي. وقال ابن جزي : أي : هي في قبضته وتحت قهره، وهذه الجملة تعليل لقوة توكله على الله، وعدم مبالاته بالخلق. هـ. ﴿إن ربي صراط مستقيم﴾ أي : إنه على الحق والعدل، ولا يضيع عنده معتصم ولا يفوته ظالم. وقال في القوت : أخبر عن عدله في محله، وقيام حكمته، وأنه وإن كان آخذاً بنواصي العباد في الخير والشر، والنفع والضر ؛ لاقتداره، فإن ذلك مستقيم في عدله، وصواب من حكمه. هـ.
﴿فإن تولَّوا﴾ أي : فإن تتولوا وتُعرضوا عما جئتكم به، ﴿فقد أبلغتُكم ما أرسلتُ به إليكم﴾. أي : فقد أديت ما عليّ من الإبلاغ، فلا تفريط مني، ولا عذر لكم ؛ فقد جاءكم النذير، وقامت الحجة عليكم، وما بقي إلا هلاككم. ﴿ويستخلفُ ربي قوماً غيركم﴾ يسكنون دياركم، ويعمرون بلادكم، فإن عتوا وطغوا سلك بهم مسلككم، ﴿ولا تضرونَه﴾ بتوليكم عن الإيمان به، ﴿شيئاً﴾ من الضرر. أو لا تضرونه شيئاً إذا أهلككم واستخلف غيركم، ﴿إن ربي على كل شيء حفيظٌ﴾ ؛ رقيب فلا يخفى عليه أعمالكم، ولا يغفل عن مجازاتكم. أو حافظ مستول عليه، فلا يمكن أن يضره شيء. قاله البيضاوي.
الإشارة : ما يقال للأولياء إلا ما قيل للرسل، فإذا توجه العبد إلى مولاه، وسقط
٢٢٢
على من هو أهل للتربية، وترك ما كان عليه قبل من الانتساب إلى غيره، وخرق عوائد نفسه، أو إصابة شيء من المكاره، قال الناس : ما اعتراه إلا بعض الصالحين بسواء، فيقول لهم : إني أُشهد الله، واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه. فإن أجمعوا على إضراره أو قتله قال لهم : فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون.


الصفحة التالية
Icon