﴿إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها﴾، وأنتم دواب مقهورون تحت قبضة الحق، ﴿إن ربي على صراط مستقيم﴾ ؛ لا ينتقم إلا من أهل الانتقام، " من عاد لي ولياً فقد آذنته بالحرب "، فإن ذكرهم بالله ودلهم على الطريق، فكذبوه وأعرضوا عنه، قال : عسى أن يذهب بكم، ويستخلف قوماً غيركم، يكونون متوجهين إليه أكثر منكم، ولا تضرونه شيئاً. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٢١
قلت : إنما قال هنا وفي قصة شعيب :(ولما)، بالواو، وفي قصة صالح ولوط :(فلما)، بالفاء ؛ لأن قصة صالح ولوط ذكرهما بعد الوعيد، في الفاء التي تقتضي التسبب، كما تقول : وعدته فما جاء الوعيد كان.. الخ، بخلاف قصة هود وشعيب لم يتقدم ذلك فيهما، فعطف بالواو، قاله الزمخشري.
يقول الحق جل جلاله :﴿ولما جاء أمرُنا﴾ : عذابنا، أو أمرنا بالعذاب، ﴿نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا﴾، وكانوا أربعة آلاف، ﴿ونجيناكم من عذابٍ غليظ﴾، وهو ريح السموم، وكانت تدخل أنوف الكفرة وتخرج من أدبارهم فتقطع أمعاءهم. والتكرير ؛ لبيان ما نجاهم منه، وإعلاماً بأنه عذاب غليظ، وتعديداً للنعمة في نجاتهم. ويحتمل أن يريد النجاة الأولى : من عذاب الدنيا، وهو الريح الذي نزل بقومهم، وبالنجاة الثانية : عذاب الآخرة، وهو العذاب الغليظ، ولذلك عطفه على النجاة الأولى التي أراد بها النجاة من الريح.
﴿وتلك عادٌ﴾ ؛ الإشارة إلى القبيلة، أو إلى قبورهم وآثارهم ؛ تهويلاً وتهديداً، ﴿جحدوا بآيات ر بهم﴾ ؛ كفروا بها، ﴿وعَصوا رسله﴾، والجمع إما لأنَّ من عصى رسولاً فكأنما عصى الكل ؛ لأنهم متفقون في الدعوة، مع أنهم أُمروا بطاعة كل رسول. وإمَّا على إرادة الجنس كقولك : فلان يركب الخيل، وإن يركب إلا فرساً واحداً. {واتبعوا أمر
٢٢٣


الصفحة التالية
Icon