الإشارة : كل من وجهه الحق تعالى يدعو إلى الله فإنما يدعو إلى خصلتين : إفراد الحق بنعوت الألوهية، والقيام بوظائف العبودية ؛ شكراً لنعمة الإيجاد، وتوالي الإمداد. فقول صالح عليه السلام :﴿اعبدوا الله ما لكم من إله غيره﴾، هذا إفراد الحق بالربوبية، وقوله :﴿هو أنشأكم من الأرض﴾، هذه نعمة الإيجاد. وقوله :﴿واستعمركم فيها﴾ هي : نعمة الإمداد، وقوله :﴿فاستغفروه ثم توبوا إليه﴾، وهو القيام بوظائف العبودية ؛ شكراً لتلك النعمتين. وفي قوله :﴿إن ربي قريب مجيب﴾ : ترهيب وترغيب.
وقوله تعالى :﴿قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا﴾ : يؤخذ من الآية : أن شُعاع الخصوصية، وآثارها، تظهر على العبد قبل شروق أنوارها، وهو جار في خصوص النبوة والولاية، فلا تظهر على العبد في الغالب حتى يتقدمها آثار وأنوار، من مجاهدة أو أنس، أو اضطرار أو انكسار، أوعِرْق طيب. والله تعالى أعلم. وكل من واجهه منهم تكذيب أو إنكار يقول :﴿أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربي...﴾ الآية. وبالله التوفيق.
٢٢٥
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٢٤
قلت :" آية " : نصبت على الحال، والعامل فيها : معنى الإشارة. و(لكم) : حال منها، تقدمت عليها لتنكيرها. و(من خزي يومئذٍ) ـ حذف المعطوف، أي : ونجيناهم من خزي يومئذٍ، ومن قرأ بكسر الميم أعربه، ومن قرأ بالفتح بناه ؛ لاكتساب المضاف البناء من المضاف إليه. قاله البيضاوي. وقال في الألفية :
وابْن، أَو اعربْ ما كَإِذْ قَدْ أُجرِيا
واختَرْ بنَا متَلُو فعْل بُنيا
وقَبل فعْل معرب أو مُبْتَدأ
أعربْ، ومنْ بَنَى فَلَنْ يُفنَّدا
وثمود : اسم قبيلة، يصح فيه الصرف باعتبار الحي أو الأب الأكبر، وعدمه باعتبار القبيلة. وقد جاء بالوجهين في هذه الآية.