يقول الحق جل جلاله : قال صالح لقومه بعد ظهور آية الناقة، وقد تقدم في الأعراف قصتها :﴿هذه ناقةُ الله لكم آيةً﴾ تدل على صدقي، ﴿فذرُوها تأكل في أرض الله﴾ ؛ أي : ترعى نباتها وتشرب ماءها، ﴿ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذابٌ قريب﴾ : عاجل، لا يتأخر عن مسكم لها بالسوء إلا ثلاثة أيام. ﴿فعقروها﴾ وقسموا لحمها ؛ ﴿فقال﴾ لهم :﴿تمتعوا﴾ : عيشوا ﴿في داركم﴾ ؛ منازلكم ﴿ثلاثة ايام﴾ ؛ الأربعاء والخميس والجمعة. وقيل : عقروها يوم الأربعاء، وتأخروا الخميس والجمعة والسبت، وهلكوا يوم الأحد. ﴿ذلك وعدٌ غيرُ مكذوب﴾ فيه "، بل هو حق.
﴿فلما جاء أمرْنا﴾ : عذابنا، أو أمرنا بهلاكهم، ﴿نجينا صالحاً والذين آمنوا معه﴾، قيل : كانوا ألفين وثمانمائة رجل وامرأة. وقيل أربعة آلاف، وقال كعب : كان قوم صالح أربعة عشر ألفاً، سوى النساء والذرية، ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات. انظر القرطبي. قلت : وقول كعب : كان قوم صالح... الخ، لعله يعني الجميع : من آمن ومن لم يؤمن، فآمن ألفان وثمانمائة، وهلك الباقي. وكذا هود، أسلم أربعة آلاف، وهلك الباقي.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٢٦
قال تعالى : فنجينا ﴿صالحاً﴾ ومن معه ﴿برحمة منا﴾ ؛ ونجيناهم ﴿من خِزْي
٢٢٦
يؤمئذٍ﴾ وهو : هلاكهم بالصيحة، أو من هوان يوم القيامة، ﴿إن ربك هو القوي العزيز﴾ ؛ القادر على كل شيء، الغالب عليه، ﴿وأخذ الذين ظلموا الصيحةُ فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾ ؛ باركين على ركبهم ميتين، ﴿كأن لم يغنوا﴾ : يعيشوا، أو يقيموا ﴿فيها﴾ ساعة، ﴿ألا إن ثمودَ كفروا ربهم﴾ ؛ جحدوه، ﴿أَلا بُعْداً لثمود﴾ ؛ هلاكاً وسحقاً لهم.