قال تعالى ﴿فبشرناها بإسحاقَ ومن وراء إسحاق يعقوبَ﴾ ولد ولدها. وتوجيه البشارة إليها ؛ لأنه من نسلها، ولأنها كانت عقيمة حريصة على الولد، ﴿قالت يا ويلتا﴾ ؛ يا عجباً، وأصله في الشر، فأطلق على كل أمر فظيع. وقرئ بالياء على الأصل، أي : يا ويلتي ﴿أألدُ وأنا عجوزٌ﴾ ابنة تسعين، أو تسع وتسعين ﴿وهذا بَعْلِي﴾ : زوجي، وأصله : القائم بالأمر، ﴿شيخاً﴾ ؛ ابن مائة أو مائة وعشرين سنة، ﴿إنَّ هذا لشيء عجيب﴾ يتعجب منه ؛ لكونه نشأ الولد من هرمين. وهو استغرب من حيث العادة، لا من حيث القدرة، ولذلك قالوا :﴿أتعجبينَ من أمر الله﴾ ؛ منكرين عليها، فإن خوارق العادات باعتبار أهل بيت النبوة، ومهبط الوحي ومظهر المعجزات. وتخصيصهم بمزيد النعم والكرامات ليس ببدع، ولذلك قالوا :﴿رحمةُ الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾ أي : بيت إبراهيم، فلا تستغرب ما يظهر منهم من خوارق العادات، ولا سيما من نشأت وشابت في ملاحظة الآيات، ﴿إنه﴾ تعالى ﴿حميدٌ﴾ ؛ فاعل ما يستوجب به الحمد، أو محمود على كل حال ﴿مجيد﴾ ؛ كثير الخير والإحسان. أو ممجَّد بمعنى العلو والشرف التام. قال ابن عطية هنا : إن في الآية دليلاً على ان الذبيح إسماعيل لا إسحاق. وفيه نظر. وسيأتي في سورة الصافات ما هو الحق، إن شاء الله تعالى.
الإشارة : من شأن أهل الكرم والامتنان : المبادرة إلى من أتاهم بالبر والإحسان ؛ إما بقوت الأرواح، أو بقوت الأشباح. من أتاهم لقوت الأرواح بادروه بإمداد الروح من اليقين والمعرفة، ومن أتاهم لقوت الأشباح بادروه بالطعام والشراب، كُلاً ما يليق به، ومن
٢٢٨


الصفحة التالية
Icon