الذي هو فيه، ذوقاً وحالاً. وقيل : يجوز أن ينتقل إلى ما بعده إذا كان ذا قريحة فتحقق له ما قبله. والله تعالى أعلم. وطريق الشاذلية مختصرة، تطوي عن المريد هذه المقامات، فينزل في أول قدم في مقام الإحسان، شعر أم لا، ثم يحصل الفناء ثم البقاء، إن وجد شيخاً كاملاً تربى على يد شيخ كامل، وإلا فلا.
وقول الجنيد رضي الله عنه :(عمل خفي)، اعلم أن الخفاء على ثلاثة أقسام : خفاء عوام الصالحين، وهو : إخفاء الأعمال عن الناس مخافة الرياء. وخفاء المريدين، وهو : الإخفاء عن ملاحظة الخلق ومراقبتهم، ولو كانوا بين أظهرهم، فإخفاؤهم قلبي لا قالبي. وخفاء العارفين الواصلين، وهو : الإخفاء عن رؤية النفس، فهم يغيبون عن أنفسهم ووجودهم، في حال أعمالهم، فليس لهم عن نفوسهم إخبار، ولا مع غير الله قرار. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٣
قلت :" تأمرك أن نترك " : على حذف مضاف، أي : تأمرك بتكليف أن نترك ؛ لأن الرجل لا يُؤمر بفعل غيره. و(أن نفعل) : عطف على (ما) ؛ أي : أو نترك فعلنا في أموالنا ما نشاء.
يقول الحق جل جلاله :﴿قالوا يا شعيب أصلواتك﴾ التي تُكثر منها هي التي ﴿تأمرك﴾ أن تأمرنا ﴿أن نترك ما يعبد آباؤنا﴾ من الأصنام، وندخل معك في دينك المحدث، أجابوا به ما أمرهم به من التوحيد بقوله :﴿ما لكم من إله غيره﴾، على وجه التهكم والاستهزاء بصلواته. وكان كثير الصلاة، ولذلك جمعوها وخصوها بالذكر. وقرأ الأخوان وحفص بالإفراد المراد به الجنس.


الصفحة التالية
Icon