ثم أجابوه عن نهيهم عن التطفيف وأمرهم بالإيفاء، فقالوا :﴿أو﴾ نترك ﴿أن نفعل في أموالنا ما نشاء﴾ من البخس وغيره ؟ وقيل : كانوا يقطعون الدراهم والدنانير، فناهم عن ذلك.. ﴿إنك لأنت الحليم الرشيد﴾، تهكموا به وقصدوا وصفه بضده، من خفة العقل والسفه ؛ لأن العاقل عندهم هو الحرص على جمع الدنيا وتوفيرها، وهو الحمق عند العقلاء، أو إنك موسوم بالحلم والرشد ؛ فلا ينبغي لك أن تنهانا عن تنمية أموالنا والتصرف فيها. والله تعالى أعلم.
الإشارة : الإنكار على من أمر بالخروج عن العوائد والتقلل من الدنيا من طبع أهل الكفر والجهل، وكذلك رميه بالحمق والسفه. فلا تجد الناس اليوم يعظمون إلا من أقرهم
٢٣٥
على توفير دنياهم ورئاستهم. والتكاثر منها، وأما من زهدهم فيها وأمرهم بالقناعة، فإنهم يرفضونه، ويحمقونه. وهذا طبع من طبع الأمم الخالية، الجاهلة بالله، وبما أمر به، وفي الحديث :" لَتَتبعُنَّ سَننَ مَن قَبلِكُم شِبراً بِشبر، وذرَاعاً بِذرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلْوا جُحْرَ ضَبٍّ لدخَلتُمُوه " وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٥
قلت : جواب " إن كنت " : محذوف، أي : فهل ينبغي أن أخون في وحيه وأخالفه في أمره.


الصفحة التالية
Icon