قال البيضاوي : وهذا ديدن السفيه المحجوج، يقابل الحجج والآيات بالسب والتهديد. وفي إيلاء ضميره حرف النفي تنبيه على أن الكلام فيه لا في ثبوت العزة، وأن المانع لهم من إيذائه عزة قومه. ولذلك قال :﴿يا قوم أرَهْطِي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءَكم ظِهْرياً﴾، وجعلتموه كالمنسي المنبوذ وراء الظهر، بإشراككم به، والإهانة لرسوله. وهو يحتمل الإنكار والتوبيخ والرد والتكذيب. والظهري : منسوب إلى الظهر، والكسر من تغيير البناء. هـ. قال ابن جزي : فإن قيل : إنما وقع الكلام فيه وفي وهطه، بأنهم هم الأعزة دونه، فكيف طابق جوابه كلامهم ؟ فالجواب : أن تهاونهم به، وهو رسول الله، تهاون الله. فلذلك قال :﴿أرهطي أعز عليكم من الله﴾. هـ.
﴿إن ربي بما تعملون محيط﴾ فلا يخفى عليه شيء منها، فيجازي عليها بتمامها. ﴿ويا قوم اعملوا على مكانتكم﴾ : على حالتكم من تمكنكم في الدنيا، وعزتكم فيها، ﴿إني عامل﴾ على حالي، ﴿سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه﴾، يُهينه في الدنيا والآخرة، ﴿و﴾ سوف تعلمون ﴿من هو كاذب﴾ مني ومنكم، ﴿وارتقبوا﴾ ؛ وانتظروا ما
٢٣٨
أقول لكم، ﴿إني معكم رقيب﴾ : مرتقب لذلك. وهو فعيل بمعنى فاعل، كالصريح والرفيع. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٨
الإشارة : لا يفقه المواعظ والتذكير إلا أهل الإيمان والتنوير. وأما القلب القاسي بالكفر والمعاصي فلا يسمع إلا ما تسمعه البهائم من الناعق والراعي. فبقدر ما يرق القلب يتأثر بالمواعظ، وبقدر ما يغلظ باتباع الحظوظ والهوى ؛ يغيب عن تدبر المواعظ. وسبب تنوير القلب ورقته : قربه من الله، وتعظيمه لحرمات الله، وتعظيم من جاء من عند الله من أنبيائه ورسله، وورثتهم القائمين بحجته، كالأولياء والعلماء الأتقياء. وسبب ظلمة القلب وقساوته : بعده من الله، وإهانته لحرمات الله، واتخاذه أمره ظهرياً، وجعل ذكره نسياً منسياً. وبالله التوفيق.