جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٨
يقول الحق جل جلاله :﴿ولما جاء أمرنُا﴾ : عذابنا لقوم شعيب، ﴿نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا﴾، لا بعمل استحقوا به ذلك ؛ إذ كل من عنده، ﴿وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ﴾ قيل : صاح بهم جبريل فهلكوا، ﴿فأصبحوا في ديارهم جاثمين﴾ : ميتين. وأصل الجثوم : اللزوم في المكان. ﴿كأن لم يَغْنَوا فيها﴾ كأن لم يقيموا فيها ساعة، ﴿ألا بعْداً لمدين كما بَعِدَتْ ثمودُ﴾، شبههم بهم ؛ لأن عذابهم كان أيضاً بالصيحة، غير أن صيحة ثمود كانت من فوق، وصيحة مدين كانت من تحت، على ما قيل، ويدل عليه : التعبير عنهما بالرجفة في آية أخرى. والرجفة في الغالب إنما تكون من ناحية الأرض. وفي البيضاوي خلاف هذا، وهو غير جَيد.
قال قتادة : بعث الله شعيباً إلى أمتين : أصحاب الأيكة، وأصحاب مدين، فأهلك أصحاب الأيكة بالظلة، على ما يأتي، وأما أهل مدين فصاح بهم جبريل صيحة ؛ فهلكوا أجمعين. قيل : وآمن بشعيب من الفئتين : تسعمائة إنسان. وكان أهل الأيكة أهل غيطة وشجر، وكان شجرهم الدَّوْم ـ وهو شجر المُقْل.
الإشارة : سبب النجاة من الهلاك في الدارين : توحيد الله، وتعظيم من جاء من عند
٢٣٩
الله. وسبب الهلاك : الإشراك بالله، وإهانة من عظمه الله. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣٩