يقول الحق جل جلاله :﴿ولقد آتينا موسى الكتاب﴾ : التوراة، ﴿فاختُلف فيه﴾ ؛ فآمن به قوم وكفر به قوم، كما اختلف هؤلاء في القرآن، ﴿ولولا كلمة سبقت من ربك﴾ وهي : كلمة الإنظار إلى يوم القيامة، ﴿لقُضي بينهم﴾ بإنزال ما يستحقه المبطل من الهلاك، ونجاة المحق. ﴿وإنهم﴾ أي : قوم موسى، أو كفار قومك، ﴿لفي شك منه﴾ أي : التوراة، أو من القرآن، ﴿مريب﴾ : موقع في الريبة، ﴿وإنَّ كلاَّ﴾ من الفريقين المختلفين، المؤمنين والكافرين، للذين ﴿ليوفينهم ربك﴾ جزاء أعمالهم، ولا يهمل منه شيئاً ـ ﴿إنه بما يعملون خبير﴾ فلا يفوته شيء منه وإن خفي.
الإشارة : الاختلاف على الأنبياء والأولياء سنة ماضية. ولولا أن الله سبحانه حكم في سابق علمه أنه لا يفضح الضمائر إلا يوم تُبلى السرائر، لفضح أسرار البطالين. وأظهر منار الذاكرين من السائرين أو الواصلين. لكنه سبحانه أخر ذلك بحكمته وحلمه، إلى يوم الدين. والله تعالى أعلم.
٢٤٦
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤٦
قلت :(ومن تاب) : عطف على فاعل (استقم) ؛ للفصل، (فَتَمَسَّكُمُ) : جواب النهي. ويقال : ركن يركن : كعَلِم يعلم، وركن يركن : كدخل يدخل، و(ثم لا تنصرون) : مستأنف لا معطوف، و(طرفي) : منصوب على الظرفية. و(زلفاً)، كقربة، أزلفه : قربة.
يقول الحق جل جلاله :﴿فاستقمْ﴾ يا محمد ﴿كما أُمرت﴾، ﴿و﴾ ليستقم ﴿من تابَ معك﴾ من الكفر وآمن بك. وهي شاملة للاستقامة في العقائد، كالتوسط بين التشبيه والتعطيل، بحيث يبقى العقل مصوناً من الطرفين، وفي الأعمال ؛ من تبليغ الوحي، وبيان الشرائع كما أنزل، والقيام بوظائف العبادات من غير تفريط ولا إفراط. وهي في غاية العسر. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :" شَيَّبَتنِي هُود " قاله البيضاوي.