قال ابن جزي : رُوي أن رجلاً قََبّل امراة، قلتُ : هو نبهان التمار، فذكر ذلك للنبي ﷺ وصلَّى معه الصلاة، فنزلت الآية، فقال ﷺ :" أين السائل ؟ " فقال : ها أنا ذا، فقال :" قدغَفَرَ اللَّهُ لَكَ بِصَلاتِكَ مَعَنا " فقال الرجل : أَلِيَ خاصَّةً، أو للمسلمين عامة ؟ فقال :" للمسلمين عَامَّةً " والآية على هذا مدنية. وقيل : إن الآية كانت قبل ذلك، وذكرها النبي ﷺ للرجل مستدلاً بها. والآية على هذا مكية كسائر السورة، وإنما تُذهب الحسناتُ ـ عند الجمهورـ الصغائر إذا اجتنبت الكبائر. هـ. قلت : وقيل : تكفر مطلقاً ؛ اجتُنِبَت الكبائر أم لا، وهو الظاهر، لأنه إذا حصل اجتناب الكبائر كفرت بلا سبب ؛ لقوله
٢٤٨
تعالى ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ...﴾ [النساء : ٣١] الآية. وقوله عليه الصلاة والسلام :" ما اجتنبت الكبائر " معناه : أن الصلوات والجمعة مكفرة لما عدا الكبائر.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤٧
والحاصل : أن من اجتنب الكبائر كفرت عنه الصغائر بلا سبب ؛ لنص الآية. ومن ارتكب الكبائر والصغائر وصلى، كفرت الصغائر دون الكبائر، وبهذا تتفق الآية مع الحديث. والله تعالى أعلم.
قال ابن عطية في قوله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىا...﴾ [التوبة : ١١١] الآية : الشهادة ماحية لكل ذنب إلا لمظالم العباد. وقد روي :" أن الله يتحمل عن الشهيد مظالم العباد، ويجازيهم عنه ". ختم الله لنا بالحسنى. انتهى.
﴿ذلك﴾ أي : ما تقدم من وعظ ووعد ووعيد، وأمر الاستقامة، أو القرآن كله، ﴿ذكرى للذاكرين﴾ : عظة للمتقين. وخص الذاكرين، لمزيد انتفاعهم بالوعظ، لصقالة قلوبهم. وفي الخبر :" لكل شيء مصقلة، ومصقلة القلوب ذكر الله ". ﴿واصبرْ﴾ على مشاق الاستقامة، ودوامها ﴿فإن الله لا يُضيع أجرَ المحسنين﴾ وهم : أهل الاستقامة ظاهراً وباطناً.


الصفحة التالية
Icon