وقوله تعالى :﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا﴾ : هو نهي عن صحبة الغافلين والميل إليهم. قال بعض الصوفية : قلب لبعض الأبدال : كيف الطريق إلى التحقيق، والوصول إلى الحق ؟ قال : لا تنظر إلى الخلق ؛ فإن النظر إليهم ظلمة، قلت : لا بد لي، قال : لا تسمع كلامهم ؛ فإن كلامهم قسوة : قلت : لا بد لي، قال : لا تعاملهم ؛ لأن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة، قلت : أنا بين أظهرهم لا بد لي من معاملتهم ؟ قال : لا تسكن إليهم ؛ فإن السكون إليهم هلكة. قلت : هذا لعله يكون ؟ قال : يا هذا، أتنظر إلى اللاعبين، وتسمع كلام الجاهلين، وتعامل البطالين، وتسكن إلى الهلكى، وتريد أن تجد حلاوة الطاعة، وقلبك مع غير الله عز وجل!! هيهات! هذا ما لا يكون أبداً. هـ. ونقل الورتجبي عن جعفر الصادق : ولا تركنوا إلى نفوسكم فإنها ظلمَة. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤٧
قلت :(لولا) : تحضيضة، ويقترن بها هنا معنى التفجع والتأسف، كقوله :﴿ياحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ﴾ و " إلا قليلاً " منقطع، ولا يصح اتصاله، إلا إذا جعل استثناء من النفي اللازم للتحضيض. أي : ما كان في القرون الماضية أولو بقية إلا قليل. يقال : فلان من بقية القوم، أي : خيارهم، وإنما قيل فيه " بقية " ؛ لأن الشرائع والدول تقوى أولاً ثم تضعف. فمن ثبت في وقت الضعف على ما كان في أوله، فهو بقية الصدر الأول. قاله ابن عطية. وقوله :" بظلم " : حال من " ربك " ؛ أي : ما كان ربك ليهلك القرى ظالماً لهم، أو متعلق بيُهلك.


الصفحة التالية
Icon