فحذِّروه، أو راغب في مواصلتي فمنُّوه، أو راحل نحوي فزودوه، أو جبان في متاجرتي فشجعوه، أو آيسٌ من فضلي فرجّوه، أو راج لإحساني فبشروه، أو حسن الظن بي فباسطوه، أو محب لي فواصلوه، أو معظم لقدرتي فعظموه، أو مسيء بعد إحساني فعاتبوه، أو مسترشد فأرشدوه. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٠
قلت : الاستثناء من ضمير " يزالون ".
يقول الحق جل جلاله :﴿ولو شاء ربك لجعل الناسَ أمةً واحدة﴾، متفقين على الإيمان أو الكفران، لكن مقتضى الحكمة وجود الاختلاف ؛ ليظهر مقتضيات الأسماء في عالم الشهادة ؛ فاسمه : الرحيم يقتضي وجود من يستحق الكرم والرحمة، وهم : أهل الإيمان. واسمه : المنتقم والقهار يقتضي وجود من يستحق الاتنقام والقهرية، وهم أهل الكفر والعصيان. قال البيضاوي : وفيه دليل ظاهر على أن الأمر غير الإرادة، وأنه تعالى لم يرد الإيمان من كل أحد، وأن ما أراد يجب وقوعه. هـ.
﴿ولا يزالون مختلفين﴾ ؛ بعضهم على الحق، وهم أهل الرحمة والكرم ؛ وبعضهم على الباطل، وهم أهل القهرية والانتقام. أو مختلفين في الأديان والملل والمذاهب، ﴿إلا من رَّحِمَ ربك﴾ ؛ إلا ناساً هداهم الله من فضله، فاتفقوا على ما هو أصل الدين والعمدة فيه، كالتوحيد والإيمان بجميع الرسل وبما جاؤوا به، وهم المؤمنون.
وقوله :﴿ولذلك خلقهم﴾ ؛ إن كان الضمير للناس، فالإشارة إلى الاختلاف، واللام للعاقبة، أي : ولتكون عاقبتهم الاختلاف خلقهم، وإن كان الضمير يعود على " من "، فالإشارة إلى الرحمة، أي : إلا من رحم ربك وللرحمة خلقه. ﴿وتمت كلمة ربك﴾ الأزلية على ما سبق له الشقاء، أي : نفذ قضاؤه ووعيده في أهل الشقاء، أو هي قوله للملائكة :﴿لأَملأَنِّ جهنم من الجَنَّة والناس أجمعين﴾ ؛ أي من أهل العصيان منهما، لا من جميعهما.


الصفحة التالية
Icon