الإشارة : الاختلاف بين الناس حكم أزلي، لا محيدَ عنه. وقد وقع بين أهل الحق وبين أهل الباطل. فقد اختلف هذه الأمة في الأصول والفروع. أما الأصول فأهل توحيد الدليل وقع بينهم تخالف في صفات الحق، كالمعتزلة والقدرية والجهمية والجبرية مع أهل السنة. وأما الفروع فالاختلاف بينهم شهير. فقد كان في أول الإسلام اثنا عشر مذهباً. ولا تجد علماً من علوم إلا وبين أهله اختلاف، إلا أهل التوحيد الخاص، وهم :
٢٥٢
المحققون من الصوفية، فكلهم متفقون في الأذواق والوجدان، وإن اختلفت طرقهم، وكيفية سيرهم. فهم متفقون في النهايات، التي هي معرفة الشهود والعيان، على طريق الذوق والوجدان، وفي ذلك يقول ابن البنا ـ رحمه الله ـ :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٢
مَذاهبُ الناس على اختلاف
ومذاهب القوم على ائتلاف
وأما قول من قال :[ما زالت الصوفية بخير ما اختلفوا، فإذا اتفقوا فلا خير فيهم]، فالمراد بالاختلاف : تغيير بعضهم على بعض، عند ظهور نقص أو عيب أو ذنب. فإذا اتفقوا وسكت بعضهم عن بعض فلا خير فيهم. وقوله عليه الصلاة والسلام :" خلاف أمتي رحمة " المراد : الاختلاف في الفروع كاختلاف المذاهب ؛ ففي ذلك رخصة لأهل الاضطرار ؛ لأن من قلد عالماً لقي الله سالماً. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٢
قلت :" وكُلاً " مفعول " نقص "، و " ما نثبت به " : بدل، أو " ما " مفعول " نَقُصُّ "، و " كلا " : مصدر. أي : ونقص.
علك كُلاً من الاقتصاص ما نثبت به فؤادك.


الصفحة التالية
Icon