قال تعالى :﴿ويمكرون ويمكر اللَّهُ﴾ ؛ برد مكرهم عليهم، أو مجازاتهم عليه، أو بمعاملة الماكرين معهم، بأن أخرجهم إلى بدر، وقلل المسلمين في أعينهم، حتى تجرأوا على قتالهم، فقُتِلوا وأُسِروا، ﴿والله خيرُ الماكرين﴾ ؛ إذ لا يؤبه بمكرهم دون مكره، وإسناد أمثال هذا مما يحسن للمزاوجة، ولا يجوز إطلاقها ابتداء ؛ لما فيه من إيهام الذم. قاله البيضاوي.
الإشارة : وإذ يمكر بك أيها القلب الذين كفروا، وهم القواطع من العلائق والحظوظ والشهوات، ليحبسوك في سجن الأكوان، مسجوناً بمحيطاتك، محصوراً في هيكل ذاتك، أو يقتلوك بالغفلة والجهل وتوارد الخواطر والأوهام، أو يُخرجوك من حضرة ربك إلى شهود نفسك، أو من صحبة العارفين إلى مخالطة الغافلين، أو من حصن طاعته إلى محل الهلاك من موطن معصيته، أو من دائرة الإسلام إلى الزيغ والإلحاد، عائذاً بالله من المحن، والله خير الماكرين، فيرد كيد الماكرين، وينصر أولياءه المتوجهين والواصلين، وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٣
قلت :" إذا " : ظرفية شرطية، خافضة لشرطها، معمولة لجوابها، أي قالوا وقت تلاوة الآيات : لو نشاء... لخ.
يقول الحق جل جلاله :﴿وإذا تُتلى عليهم آياتنا﴾ القرآنية ﴿قالوا قد سمعنا﴾ ما تتلوه علينا ﴿لو نشاء لقلنا مثل هذا إنْ هذا إلا أساطير الأولين﴾ أي : اخبارهم المسطورة أو أكاذيبهم المختلقة. قال البيضاوي ؛ وهذا قول النَّضْر بن الحارث، وإسناده إلى الجمع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، فإنه كان قاصهم، أي : يقص عليهم أخبار فارس والروم، فإذا سمع القرآن يقص أخبار الأنبياء قال : لو شئت لقلتُ مثل هذا، أو قول الذين ائتمروا
٢٤