في شأنه : وهذا غاية مكائدهم، وفرط عنادهم، إذ لو استطاعوا ذلك لسارعوا إليه، فما منعهم أن يشاؤوا وقد تحداهم وقرعهم بالعجز عشر سنين، ثم قارعهم بالسيف، فلم يعارضوا، مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلَبوا، خصوصاً في باب البيان ؟ هـ. بالمعنى.
الإشارة : هذه المقالة بقيت سُنَّةً في أهل الإنكار على أهل الخصوصية، إذا سمعوا منهم علوماً لدنية، أو أسراراً ربانية، أو حِكماً قدسية، قالوا : لو نشاء لقلنا مثل هذا، وهم لا يقدرون على كلمة واحدة من تلك الأسرار، وهذا الغالب على المعاصرين لأهل الخصوصية، دون من تأخر عنهم، فإنهم مغرورون عنده ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحوِيلا﴾ [فاطر : ٤٣].
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤
قلت :" الحق " : خبر كان.
يقول الحق جل جلاله :﴿و﴾ اذكر ﴿إذ قالوا اللهم إن كان هذا﴾ الذي أتى به محمد ﴿هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماءِ﴾ ؛ كأصحاب لوط، ﴿أو ائتنا بعذاب أليم﴾، قيل : القائل هذا هو النَّضْر بن الحارث، وهو أبلغ في الجحود. رُوي أنه لما قال :﴿إن هذا أساطير الأولين﴾، قال له النبي ﷺ :" ويلك إنه كلام الله " فقال هذه المقالة. والذي في صحيحي البخاري ومسلم : أن القائل هو أبو جهل، وقيل : سائر قريش لمّا كذبوا الني ﷺ دعوا على أنفسهم، زيادة في تكذيبهم وعتوهم. وقال الزمخشري : ليس بدعاء، وإنما هو جحود، أي : إن كان هو الحق فأمطر علينا، لكنه ليس بحق فلا تستوجب عقاباً. بالمعنى.
الإشارة : قد وقعت هذه المقالة لبعض المنكرين على الأولياء، فعجلت عقوبته، ولعل ذلك الولي لم تتسع دائرة حلمه ومعرفته، وإلا لكان على قدم نبيه صلى الله عليه وسلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٤
٢٥