قلت :(إذ قال) : معمول لاذكر، أو بدل من (أحسن القصص) ؛ إن جعل مفعولاً، بدل اشتمال، و(يا أبت) : أصله : يا أبي، عوض من الياء تاء التأنيث ؛ لتناسبهما في الزيادة، ولذلك قلبت في الوقف هاء، في قراءة ابن كثير وأبي عمر ويعقوب. وإنما أعاد العامل في " رأيتهم " ؛ لطول الكلام، وجمع الشمس والقمر والكواكب جمع العقلاء ؛ لوصفهم بصفاتهم.
يقول الحق جل جلاله :﴿إذ قال يوسفُ لأَبيهِ﴾ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم :﴿يا أبتِ إني رأيتُ﴾ في النوم ﴿أحداً عَشَر كوكباً والشمسَ والقَمَرَ رأيتُهم لي ساجدين﴾. وقد ذكر البيضاوي حديثاً في تفسير هذه الكواكب فانظره. قيل : إن يوسف عليه السلام كان نائماً في حجر أبيه، فنظر فيه، وقال في نفسه : أترى هذا الوجه أحسن ام الشمس أم القمر ؟ فإذا بيوسف قد انتبه من نومه، وقال :﴿يا أبتِ إني رأيت أحد عشر كوكباً...﴾ الخ، فلما قص الرؤيا على أبيه بكى، فقال يوسف : لم تبكي يا أبتي ؟ قال : يا بني لم
٢٥٦
يسجد مخلوق لمخلوق إلا عند المحنة، والبلاء، ألا ترى الملائكة لما أسجدهم الله لآدم، كيف ابتلي بالخروج من الجنة ؟ ثم قال له : يا بني، الشمس والقمر أنا وخالتك ـ وكانت أمه قد ماتت ـ والإحدى عشر كوكباً إخوتك. هـ.
﴿قال يا بنيَّ﴾، وهو تصغير ابن صغر للشفقة أو لصغر السن، وكان ابن ثنتي عشرة سنة، ﴿لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً﴾ ؛ فيحتالوا لإهلاكك حيلة. فَهِمَ يعقوبُ عليه السلام من رؤياه أن الله يصطفيه لرسالته، ويفوقه على إخوته، فخاف عليه حسدهم. ومن خاف من شيء سلط عليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٥٦