والرؤيا تختص بالنوم، والرؤية، بالتاء بالبصر. قال البيضاوي : وهي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك، المصادفة منها إنما يكون باتصال النفس بالملكوت ؛ لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ. انظر تمامه فيه. وأخرج الحاكم في المستدرك، والطبراني في الأوسط، عن ابن عمر قال : لقي عمر عليَّاً ـ رضي الله عنهما ـ فقال : يا أبا الحسن، الرجل يرى الرؤيا فمنها ما يصدق، ومنها ما يكذب، قال : نعم. سمعت رسول الله ﷺ يقول :" ما من عبد ولا أمة ينام فيمتلي نوماً إلا عرج بروحه إلى السماء. فالتي لا تستيقظ إلا عند العرش فتلك الرؤيا التي تصدقُ، والتي تستيقظ دون العرش فتلك الرؤيا التي تكذبُ " هـ. فمنها ما تكون واضحة المعنى لا تحتاج إلى تعبير، ومنها ما تكون خفية تحتاج إلى تعبير. والمعبر يحتاج إلى علم وفراسة وزيادة إلهام، فعلم التعبير علم مستقل، وقد أعطى الله منه ليوسف عليه السلام حظاً وافراً. ولما قال يعقوب لابنه :﴿لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً﴾ قال : يا أبت، الأنبياء لا يكيدون، قال له :﴿إن الشيطان للإنسان عدو مبين﴾ ؛ ظاهر العداوة ؛ لأجل ما فعل بآدم وحواء، فلا يألوا جهداً في تسويلهم وإثارة الحسد فيهم، حتى يحملهم على الكيد. قيل : لم يسمع كلام يوسف في رؤياه إلا خالته ـ أم شمعون ـ فقالت لإخوته : التعب عليكم، والإقبال على يوسف. فحركهم ذلك حتى فعلوا ما فعلوا. وقيل : أخبرت بذلك ولدها شمعون، فأخبر شمعون إخوته، فخلوا به وقالوا له : إنك لم تكذب قط. فأخبرنا بما رأيت في نومك، فأبى، فأقسموا عليه، فأخبرهم. فوقعوا فيما فعلوا به.