بك، ﴿وهم لا يشعرون﴾ أنك يوسف، لعلو شأنك وبعده عن أوهامهم، وطول العهد المغير للحال والهيئات. وذلك إشارة إلى ما قال لهم بمصر، حين دخلوا عليه ممتارين، فعرفهم وهم له منكرون، إلى أن قال لهم :﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ﴾ [يوسف : ٨٩]. وفي رواية : أوحى إليه : يا يوسف لا تحزن على ما أصابك، فإنك تصل إلى ملك كبير، ويقف إخوتك بين يديك. بشره بما يؤول إليه أمره، أيناساً وتطبيباً لقلبه. وقيل :﴿وهم لا يشعرون﴾ متصل بقوله :﴿وأوحينا﴾ أي : آنسناه بالوحي وهم لا يشعرون ذلك.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٢
وجاؤوا أباهم عِشَاءَ﴾ آخر النهار، وقرئ ﴿عُشي﴾ بضم العين والقصر، جمع أعشى، أي : عُشي من البكاء. فجاؤوا إليه ﴿يبكُون﴾ أي : متباكين. روي أنه لما سمع بكاءهم فزع وقال : يا بني، أين يوسف ؟ فقالوا :﴿يا أبانا إنا ذهبنا نستبق﴾ ؛ أي : نتسابق بأقدامنا في العَدْو، أو الرمي ﴿وتركنا يوسفَ عند متاعنا فأكله الذئبُ وما أنت بمؤمنٍ لنا﴾ : بمصدق لنا، ﴿ولو كنا صادقين﴾ ؛ لسوء ظنك، وفرط محبتك ليوسف.
﴿وجاؤوا على قميصه﴾ : فوق قميصه ﴿بدم كذبٍ﴾، أي : ذي كذب بمعنى مكذوب فيه ؛ لأنهم ذبحوا جدياً ولطخوا قميصه بدمه. رُوي أنه لما سمع بخبر يوسف صاح ودعا بقميصه فأخذه، وألقاه على وجهه، وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص، وقال : ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا! أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه.