أَحبائِي أَنتُم، أَحْسَنَ الدَّهرُ أم أَسا
فَكُونُوا كما شِئتُمُ أَنا ذَلك الخِل
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٥
وقال صاحبه العينية :
تَلَذُّ لِي الآلام إذ كُنتَ مُسْقِمَِي
وإن تَختَبِرني فَهْي عَندي صَنَائِعُ
تَحِكَّم بِِما تَهواهُ فيَّ فإِنَّني
فَقِيرٌ لسُلطَان المَحَبَّة طَائِعُ
وقد جرت عادة الله تعالى أن يعقب الجلال بالجمال، والمحن بالمنن، والذل بالعز، والفقر بالغنى، فبقدر ما تشتد المحن تأتي بعدها مواهب المنن، ما ينزل من الجلال يأتي بعده الجمال، سُنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً. لا راد لما قضى، ولا معقب لما به حكم وأمضى.
قال تعالى :﴿والله غالبٌ على أمره﴾ : قال بعض المفسرين : هذه الآية هي قطب هذه السورة، ثم قال : أراد آدم البقاء في الجنة، وما أراد الله ذلك، فكان الأمْر مُراد الله. وأراد إبليس أن يكون رأس البررة الكرام، وأراد الله أن يكون إمام الكفرة اللئام، فكان الأمر كما أراد الله. وأراد النمرود هلاك إبراهيم عليه السلام، ولم يرده الله، فكان الأمر كما أراد الله. وأراد فرعون هلاك موسى عليه السلام، فأهلكه الله، ونجى موسى، . وأراد داود أن يكون الملك لولده ميشا، وأراد الله أن يكون لسليمان عليه السلام، فكان كما أراد الله. وأرد أبو جهل هلاك سيدنا محمدٍ ﷺ ونبوة الوليد بن المغيرة، فأهلك الله أبا جهل ونبأ محمداً صلى الله عليه وسلم. وأراد المنذر بن عاد البقاء في الدنيا، فأهلكه الله وخرب ملكه. وأراد إرم العاتي، الذي بنى ذات العماد، يحاكي بها الجنة، أن يسكنها خالداً فيها، فكذبه الله، وحال بينه وبينها، وغيبها عنه حتى مات بحسرتها. هـ.
٢٦٨
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٥


الصفحة التالية
Icon