قلت : المراودة : المطالبة، من راد يرود : إذا جاء وذهب لطلب الشيء، ومنه الرائد. و(هيت) : اسم فعل معناه : تعال، أو أقبل، مبني على الفتح كأين، واللام للتبيين، كالتي في سقيا لك، وقرأ ابن كثير : بالضم، تشبيهاً بحيث، ونافع وابن عامر بالفتح، وهي لغة فيه. وقرئ :" هئْت " بالهمز ؛ كجئت، من هَاءَ يهيء : إذا تهيأ. و(معاذ الله) : مصدر لمحذوف، أي : أعوذ بالله معاذاً. و(إنه) : ضمير الشأن. و(لولا) : حرف امتناع، وجوابها محذوف، أي : لخالطها، ولا يجوز أن يكون (وهمَّ بها) : جوابها ؛ لأن حكمها حكم الشرط، فلا يتقدم عليها جوابها. قاله البيضاوي.
قلت : وبهذا يُرد على من وقف على (همت به)، كالهبطى، ومن تبعه، إلا أن يُحمل على أنه ابتداء كلام مع حذف الجواب. واستحسنه البعض ؛ ليكون همُّ يوسف خارجاً عن القسم، (وكذلك) : في موضع المصدر، أي : ثبتناه مثل ذلك التثبيت لنصرف.. الخ، و(المخلصين) بالفتح : اسم مفعول من : أخلصه الله. وبالكسر : اسم فاعل بمعنى أخلص دينه لله.
يقول الحق جل جلاله :﴿وراودتْه﴾ للفاحشة، أي : تمحلت وطلبت منه أن يوافقها ﴿التي هو في بيتها﴾ ؛ وهي زليخا. وترك التصريح بها ؛ استهجاناً. فراودته عن نفسه، ﴿وغلقتِ الأبوابَ﴾، قيل : كانوا سبعة. والتشديد للتكثير، أو للمبالغة في الإيثاق، ﴿وقالت هَيت لك﴾ أي : أقبل وبادر، أو تهيأتُ لك. رُوي أنها تزينت بأحسن ما عندها، وقالت : تعالى يا يوسف، ﴿قال مَعَاذَ الله﴾ ؛ أي : أعوذ بالله معاذاً، ﴿إنه﴾ أي : الشأن، ﴿ربي أحسن مثواي﴾ ؛ سيدي أحسن إقامتي وتربيتي، إذ قال لك أكرمي مثواي، فما جزاؤه أن أخونه في أهله، أو أنه تعالى ربي أحسن مَنزلي ؛ بأن عطف عَلَيَّ قلبَ سيدي،
٢٦٩
ولطف بي في أموري، فلا أعصيه، ﴿إنه لا يُفلح الظالمون﴾ ؛ المجاوزون الإحسان إلى الإساءة، أو الزناة ؛ فإن الزنى ظلم على الزاني والمزنيّ بأهله.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٩


الصفحة التالية
Icon