فمن ترك شيئاً لله عوضه الله مثله، أو أحسن منه. وكذلك فعل الحق تعالى بيوسف عليه السلام قد زوجه زليخاً على ما يأتي إن شاء الله.
وحدثني شيخي مولاي العربي رضي الله عنه، أنه وقف على حكايات تناسب هذا ؛ وهو أن رجلاً صالحاً تعلق قلبه بابنة الملك، فلما رأى نفسه أنه لا يقدر على تزوجها تطلف حتى دخل عليها في قبتها ليلاً، فوجدها نائمة على فراشها ملقى على وجهها رداؤها، وشمعة تشعل عند رأسها، وأخرى عند رجلها، وطعام موضوع عندها. فكشف عن وجهها فرأى من الجمال ما أبهر عقله ؛ فجعل يتردد في نفسه، ويخاصمها على فعل الفاحشة، فبينما هو كذلك إذ أبصر لوحاً فوق رأسها مكتوباً فيه :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ [الطلاق : ٢]، فتاب الله تعالى عليه، وزجر نفسه عن هواها، فوضع يده في ذلك الطعام ليأكل منه، وترك فيه ؟ أثراً، فلما أفاقت البنت رأت أثر اليد في الطعام، فسألت أهل الدار، فكلهم قالوا : ما دخل عليك أحد منا، فتيقنت أن رجلاً دخل عليها، وكان يخطبها كثيرٌ ممن له الرئاسة والجاه، فخافت على نفسها من أن يطرقها أحد منهم فيغضبها، فقالت
٢٧٣
لأبيها : لا بد أن تروجني، فقال في نفسه : والله لا أزوجها إلا لرجل صالح، فخرج مختفياً إلى المدرسة، فأتى بعض الناس، فقال : سمعت هنا برجل صالح، فأردت أن أزوره، فأشار إلى ذلك الرجل الذي دخل على بنته، ثم سأل ثانياً، وثالثاً، فلكهم أشار إليه، فأتى إليه فقال له : إن لي بنتاً جميلة خطبها مني كثير من الناس، فأردت أن أزوجكها، فجهزها بما يليق بها، وزوجها إياه. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٩