وذكر ابن عرضون : إن رجلاً كان بالقيروان من العلماء الأتقياء، يقال له شقران، وكان جميل الصورة فهوته امرأة، فأرسلت إلى عجوز، وأسرت إليها أمره على أن توصله إليها، فأتت إليه العجوز، وقالت : عندي ابنة مريضة، وأرادت أن توصي، وعسى أن تصل إليها، وتدعو لها، فلبس ثيابه، ومشى معها إلى أن وصلت إلى الدار فأدخلته، فوجد صبية جميلة، فقالت له : هلمّ، فقال : إني أخاف الله رب العالمين. فقالت له العجوز : هيهات شقران، والله لئن لم تفعل لأصيحنَّ، وأقول : إنك دخلت علينا عارضتنا، فقال لها : إن كان ولا بد فدعيني حتى أدخل الحجرة، فقالت له : افعل ما بدا لك، فدخل الحجرة، فقال : اللهم إنها ما هوت مني إلا صورتي فَغَيَّرها، فخرج من الحجرة وقد ظهر عليه الجذام. فلما رأته، قالت : اخرج فحرج سالماً. وهذه الحكاية مشهورة ببلاد القيروان. هـ.
قلت : وقد نزل بنا في حال شبابنا كثير مما يشبه هذا، فحفظنا الله بمنّه وكرمه وحسن رعايته. فللَّهِ المنة والحمد، لا أحصي ثناء عليه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٦٩
قلت :(نسوة) : اسم جمع لامرأة. وتأنيثه غير حقيقي، ولذلك جرد فعله من التاء. و(في المدينة) متعلق بقال، أي : أشعن الخبر في المدينة، أو : صفة لنسوة، فيتعلق بالاستقرار. و(حباً) : تمييز. و(حاشَ لله) : قال أبو علي الفارسي : هي هنا فعل، والدليل
٢٧٤
على ذلك من وجهين، أحدهما : أنها دخلت على لام الجر، ولا يدخل حرف على حرف. والآخر : أنها حذف منها الألف، على قراءة الجماعة، والحروف لا يحذف منها شيء، وقرأها أبو عمرو بالألف على الأصل، والفاعل بحاش ضميرُ يوسف، أي : بعد يوسف عن الفاحشة لخوف الله.