قالت اخْرُجْ عليهن}، فأسعفها ؛ لأنه كان مملوك زوجها، فخرج عليهن، ﴿فلما رأينه أكْبَرْنَهُ﴾ : عظمن شأنه وجماله الباهر، وعن النبي ﷺ أنه قال :" رأيتً يُوسفَ لَيلَةَ المعراج كالقَمَر لَيلَةَ البَدْرِ " وقيل : كان يُرى تلألؤ وجهه على الجدران. ﴿وقطّعن أيديَهُنَّ﴾، جرحنها بالسكين ؛ لفرط الدهشة، اشتغلن بالنظر إليه، وبُهتْن من جماله حتى قطعن أيديهن، وهُنَّ لا يشعرن، كما يقطع الطعام. ﴿وقُلْنَ حاشَ لله﴾ ؛ تنزيهاً له عن صفات العجز عن أن يخلق مثله. أو تنزيهاً له أن يجعل هذا بشراً. اعتقدوا أن الكمال خصاص بالملائكة، وكونه في البشر في حيز المحال، أو تعجباً من قدرته على خلق مثله. ﴿ما هذا بشراً﴾ ؛ لأن هذا الجمال غير معهود للبشر. ﴿إن هذا إلا مَلَكٌ كَريمُ﴾ على الله ؛ لأن الجمع بين الجمال الرائق، والكمال الفائق، والعصمة البالغة، من خواص الملائكة.
﴿قالت﴾ لهن :﴿فذلِكُنَّ الذي لُمتنَّني فيه﴾ ؛ توبيخاً لهن على اللوم، أي : فهو ذلك الغلام الكنعاني، الذي لمتنني في الافتتان به قبل أن ترونه. ولو كنتن رَأَيْتُنَّهُ لعذرتُنَّنِي،
٢٧٥
﴿ولقد راودتُه عن نفسه فاستعصم﴾ : فامتنع طلباً للعصمة. أقرت لهن حين عرفت أنهن يعذرنها ؛ كي يعاونها على إلانة عريكته، ﴿ولئن لم يفعلْ ما آمُرُهُ﴾ به ﴿ليُسَبِّحنَ وليكونا من الصاغرين﴾ الأذلاء، وهو من صِغَر، بالكسر يَصغَر صغاراً. فقلن له : أطع مولاتك.


الصفحة التالية
Icon