وقال الورتجبي : إن يوسف عليه السلام لم يعلم وقت إيمان الملك، ولم يأت وقت دخوله في الإسلام، فأنساه الشيطان ذكر ربه، في سابق حكمه، على تقدير وقت إيمان الملك، فلبث في السجن إلى وقت إيمان الملك، فنسيان يوسف : احتجابه عن النظر إلى قدره السابق. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٠
٢٨١
قلت : يقال : عَبرت الرؤيا ـ بالتخفيف ـ عبارة، وهو أفصح من عبَّرت ـ بالتشديد ـ تعبيراً. واللام للبيان، أو لتقوية العامل ؛ لضعف الفعل بتأخيره عن مفعوله. والأصل : تعبرون الرؤيا. وأصل (ادكر) اذتكر، فقلبت التاء دالاً مهملة، وأدغمت المعجمة فيها فبقيت دالاً. وإليه أشار ابن مالك بقوله :
في ادَّانَ وازْدَادْ وادَّكِرْ دالاً بَقِي
و(دأباً) حال، أي : دائبين، أو مصدر بإضمار فعله، أي : تدأبون دأباً. وفيه لغتان : السكون، والفتح.
يقول الحق جل جلاله :﴿وقال الملِكُ﴾ ؛ وهو ملك مصر الذي كان العزيز وزيراً له، واسمه :" ريان بن الوليد ". وقيل :" مصعب بن الريان "، وكان من الفراعنة ـ رُوي أن يوسف عليه السلام لما لبث في السجن سْبع سنين سجد، وقال : إلهي، خلصني من السجن، فكلما دعا يوسف أمنت الملائكة، فاتفق في الليلة التي دعا فيها يوسف أن رأى الملكُ تلك الرؤيا التي ذكرها بقوله :﴿إني أرى﴾ في المنام ﴿سبعَ بقراتٍ سمَانٍ﴾ خرجن من نهر يابس، وسبع بقرات عجاف ـ مهازيل ـ خرجن بأثرهن فابتلعت المهازيلُ السمان، ﴿وسبعَ سنبلات خُضْرٍ﴾ قد انعقد حَبُّها، ﴿و﴾ سبعاً، ﴿أخر يابسات﴾ قد أدركت، فالْتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها. فلما رأى ذلك انتبه مرعوباً، وجمع ندماءه، ودعا المفسرين، فقال :﴿يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي﴾ ؛ اعبروها، ﴿إن كنتم للرؤيا تعْبُرون﴾ أي : إن كنتم عالمين بعبارة الرؤيا.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨١


الصفحة التالية
Icon