الإشارة : في الآية ثلاث فوائد : الأولى : مدح التأني في الأمور، ولو كانت جلالية ؛ لأنه يدل على كمال العقل والرزانة، وطمأنينة القلب. وذم العجلة ؛ لأنها من خفة العقل والطيش، وعدم الصبر والاحتمال. يؤخذ ذلك من تأني يوسف عليه السلام في السجن بعد طول مدته. وفي الحديث " التَأَنِّي مِن اللَّهِ، والعَجَلَةُ من الشَّيطَانِ ".
٢٨٧
الثانية : عدم تزكية النفس، ودوام اتهامها، ولو بلغت من التصفية ما بلغت. وقد تقدم في قوله تعالى :﴿وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ﴾ [الأنعام : ٧٠]، وقال بعض الصوفية : وكيف يصلح لعاقل أن يزكي نفسه والكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يقول :﴿إنا النفس لأمارة بالسوء﴾، والنفوس ثلاثة : أمارة، ولوامة، ومطمئنة. وزاد بعضهم : اللهامة من قوله تعالى :﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ [الشمس : ٨]..
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٤
الثالثة : تسلية أهل البلاء، إذا صحبهم الإحسان والتقوى، وبشارتهم بالعز بعد الذل، والغنى بعد الفقر، والنصر والتمكين في الأرض بعد الاستضعاف والهوان، يؤخذ ذلك من قوله :﴿وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين﴾. وفي ذلك يقول الشاعر :
وكُلُّ عَبْدٍ أَرَادَ الله عِزَّتَه
فَهُو َالعَزِيزُ، وعزُّ اللهِ يغْشَاه
قََدْ لاَحَ عِزُّ لَه في الأرْضِ مُنْتَشِرٌ
فَهُو الحَبِيبُ لِمَنْ نَادَاهُ لبّاهُ
يا حُسْنَهُ ومَتى قَد طَالَ مَطْلَبُه
تَاجُ البرية والرحمنُ صَفَّاهُ
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٤