وقوله تعالى :﴿اجعلوا بضاعتَهم في رِحَالِهم﴾... الآية. كذلك ينبغي للواعظ والمذكر أن يبشر الناس، وينمي بضاعتهم، وهو : الإيمان والمحبة لله ومعرفته، ويجعلها في قلوبهم بحسن وعظه، ونور حاله، فيكون ممن ينهض الناس حاله، ويدل على الله مقاله. ولا يقنط الناس ويفلسهم من الإيمان والمحبة، بل ينبغي أن يجمع بين التبشير والتحذير، والترغيب والترهيب، ويغلب جانب الترغيب بذكر إحسان الله وآلائه.. لعلهم يعرفون ذلك إذا انقلبوا إلى أسبابهم، لعلهم يرجعون إلى الله في غالب أحوالهم. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٨
قلت :(نكتل) : أصله : نَكْتَيِِل، بوزن نفتعل، من الكيل، قلبت الياء ألفاً ؛ لتحرك ما قبلها، ثم حذفت للساكنين. و (حفظاً) : تمييز، ومن قرأ بالألف فحال، كقوله : لله دره فارساً. أو تمييز، وهو أرجح. و(ما نبغي) : استفهامية، أو نافية. و(نمير أهلنا) : عطف على محذوف، أي : ردت فنستظهر بها ونمير... الخ. قال في القاموس : مار يَمير ؛ بالكسر : جَلَب الطعام. هـ. و(إلا أن يحاط) : استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي : لتأتنني به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم.
يقول الحق جل جلاله :﴿فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا مُنع منا الكيلُ﴾ أي : حكم بمنعه بعد هذا، إن لم نذهب بأخينا بنيامين، ﴿فأرْسِل معنا أخانا نكتلْ﴾ أي : نرفع المانع من الكيل، ونكتل ما نحتاج إليه. وقرأ الأخوان بالياء :﴿يكتل﴾ لنفسه، فنضم اكتياله إلى اكتيالنا، ﴿وإنا له لحافضون﴾ من أن يناله مكروه. ﴿قال هل آمنكم عليه﴾ أي : ما آمَنكم عليه ﴿إلا كما أمنْتُكُم على أخيه من قبلُ﴾، وقد قلتم في يوسف :﴿وإنا له لحافظون﴾، ﴿فاللَّهُ خيرٌ حافظاً﴾ ؛ فأثق به، وأفوض أمري أليه، ﴿وهو أرحمُ الراحمين﴾، فأرجو أن يرحمني بحفظه، ولا يجمع عليّ مصيبتين.