وقوله :﴿نرفع درجات من نشاء﴾ : أي بالعلم بالله ؛ كالكشف عن أسرار ذاته وأنوار صفاته، والتخلق بمعاني أسمائه، والتحقق بمقامات اليقين، ومنازل السائرين. وهذه درجات المقربين، وليس فوقها إلا درجة الأنبياء والمرسلين. أو بالعلم بأحكام الله وشرائعه ؛ كالعلم بأحكام العبادات والعادات، وسائر المعاملات. وهذه درجات عامة أهل اليمين من العلماء الأتقياء والصالحين، ومنتهى درجاتهم هي ابتداء درجات العارفين المقربين، ثم الأنبياء والمرسلين. ﴿وفوق كل ذي علم عليم﴾، ومنتهى العلم إلى الله العظيم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٩٣
٢٩٦
قلت : معنى الشرط والجواب : إن ثبت أن بنيامين يسرق فقد سرق أخ له، أي : سرقته كسرقة اخيه، و(مكاناً) : تمييز.
يقول الحق جل جلاله : قال إخوة يوسف، لما ظهرت السرقة عليهم :﴿إن يسرقْ﴾ بنيامين ﴿فقد سرق أخٌ له﴾ أخوه يوسف ﴿من قبل﴾، فهذا الأمر إنما صدر من ابْنَي راحيل، لا منا، قصدوا بذلك رفع المضرة عن أنفسهم، ورموا بها يوسف وشقيقه، وهذه السرقة التي رموه بها ؛ قيل : كانت ورثت عمته من أبيها منطقة، وكانت تخصُّ يوسف وتحبه، فلما شب، أراد يعقوب انتزاعه منها، فشدت المنطقة على وسطه، ثم اظهرت ضياعَها، ففتَّش عليها، فوجدت مشدودة على وسطه، فصارت أحق به في حكمهم وقيل : كان لجده من أمه صنم من ذهب، فسرقه وكسره، وألقاه في الجيف. وقيل : كان في البيت عناق أو دجاجة فأعطاها السائل.


الصفحة التالية
Icon