يقول الحق جل جلاله : وقاتلوا من لم ينته عن كفره ﴿حتى لا تكونَ فتنة﴾، أي : حتى لا يوجد منهم شرك، فهو كقوله عليه السلام :" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ حَتَّى يَقُولُوا : لا إله إلاَّ الله ". ﴿ويكون الدين كلُّه لله﴾ بحيث تضمحل الأديان الباطلة ويظهر الدين الحق، ﴿فإن انتهوا﴾ عن الكفر وأسلموا، ﴿فإن الله بما يعملون بصير﴾ ؛ فيجازيهم على انتهائهم، وقرأ يعقوب بتاء الخطاب ؛ على معنى :﴿فإن الله بما تعملون﴾ يا معشر المسلمين ؛ من الجهاد، والدعوة إلى الإسلام، والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ﴿بصير﴾ فيجازيهم، ويضاعف أجوركم بمن أسلم على أيديكم.
﴿وإن تَولَّوا﴾، ولم ينتهوا عن كفرهم، ﴿فاعلموا أن الله مولاكم﴾ ؛ ناصركم، فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم، ﴿نِعْمَ المولى﴾ ؛ فلا يضيع من تولاه، ﴿ونِعْمَ النصير﴾ ؛ فلا يغلب من نصره.
الإشارة : يُؤمر المريد بجهاد القواطع والعلائق والخواطر، حتى لا يبقى في قلبه فتنة بشيء من الحس، ويكون القلب كله لله، فإن انتهت القواطع فإن الله بصير به، يجازيه على جهاده، ومجازاته : إدخال الحضرة المقدسة، مع المقربين، وإن لم ينته فليستمر على مجاهداته وانقطاعه إلى ربه، وليستنصر به في مجاهدته، فإن الله مولاه وناصره، وهو نعم
٢٩
المولى ونعم النصير.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٩
قلت :(فأن لله) : مبتدأ حُذف خبره، أي : فكون خمسة لله ثابت، أو خبر، أي : فالواجب كون خمسه لله.