يقول الحق جل جلاله :﴿واعلموا أنما غَنِمتُم من شيء﴾ مما أخذتموه من الكفار ؛ قهراً بالقتال، لا الذي هربوا عنه بلا قتال، فكله للإمام فَيء، يأخذ حاجته ويصرف باقيه في مصالح المسلمين، ولا الذي طرحه العدو خوف الغرق، فلواجده، بلا تخميس، وكذا ما أخذه من كان ببلاد العرب على وجه التلصيص، فأما ما أخذه بالقتال : فللَّه ﴿خُمُسَه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ ؛ الجمهور على أن ذكر الله للتعظيم كقوله :﴿واللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرضُوه﴾ [التوبة : ٦٢]، وإنما المراد : قسم الخمس على الخمسة الباقية.
واختلف العلماء في الخمسة، فقال مالك : الرأي للإمام، يلحقه ببيت الفَيء، ويعطي من ذلك البيت لقرابة رسول الله ﷺ ما رآه، كما يعطي منه اليتامى والمساكين، وغيرهم، وإنما ذكر من ذكر على جهة التنبيه عليهم، لأنهم من أهم ما يدفع إليهم. وقال الشافعي : يعطي للخمسة المعطوفة على (الله)، ولا يجعل لله سهماً مختصاً، وإنما ذكر ابتداء تعظيماً، لأن الكل ملكه، وسهم الرسول يأخذه الإمام، يصرفه في المصالح، فيعطي للأربعة المعطوفة على الرسول، ويفضل أهل الحاجة. قال مالك : لا يجب التعميم، فله أن يعطي الأحوج، وإن حرم غيره، ومبني الخلاف : هل اللام لبيان المصرف أو للاستحقاق، كما في آية الزكاة.
وقال أبو حنيفة : على ثلاثة أسهم، لليتامى والمساكين وابن السبيل، قال : وسقط الرسول وذوو القربى بوفاته عليه الصلاة والسلام. وقال أبو العالية : يقسم على ستةٍ، أخذاً بظاهر الآية، ويصرف سهم الله إلى الكعبة، وسهم الرسول في مصالح المسلمين، وسهم ذوي القربى لأهل البيت الذين لا تحل لهم الزكاة، ثم يعطى سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل.
قال البيضاوي : وذوو القربى : بنو هاشم، وبنو المطلب، لِمَا رُوي : أنه ﷺ قسم سهم ذوي القربى عليهما، فقال عثمان وجبير بن مطعم : هؤُلاء إِخْوانك بَنُو هِاشِمٍ لا ننكر
٣٠