الإشارة : إنكار بعث الأرواح من غفلاتها وجهلها، كإنكار بعث الأشباح بعد موتها، يُتعجب من الأول كما يتعجب من الثاني ؛ فالقدرة صالحة، فمن قدر على بعث الأشباح بعد موتها الحسي قدر على بعث الأرواح بعد موتها المعنوي :" من استغرب أن ينقذه الله من شهوته، وأن يخرجه من وجود غفلته، فقد استعجز القدرة الإلهية ؛ ﴿وكان الله على كل شيء مقتدراً﴾ "، وقد أحيا الله أرواحاً كثيرة كانت ميتة بالجهل والمعاصي، فصارت عارفة بالله، من خواص أولياء الله مَنْ كانوا لصوصاً فصاروا خُصوصاً، ومنهم من كانوا كفاراً فصاروا أبراراً. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٢١
قلت :" المَثُلات " : جمع مَثُلَة، كَسَمُرة، وهي العقوبة القظيمة، التي تجعل الإنسان مثلاً لمن بعده. وفيها لغات وقراءات شاذة. و(على ظلمهم) : حال، والعامل فيه : المغفرة.
يقول الحق جل جلاله :﴿ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة﴾ أي : بالنقمة قبل العافية، طلبوا نزول العذاب الذي أوعدهم به ؛ استهزاء، ﴿وقد خَلَتْ﴾ : مَضَتْ ﴿من قََبلِهم المَثُلات﴾ : عقوبات أمثالهم من المكذبين، أو المصيبات الدواهي، حتى صاروا مثلاً لمن بعدهم. فما لهم لم يعتبروا، ولم يخافوا حلول مثلها عليهم ؟ ﴿وإنَّ ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم﴾ أي : مع ظلمهم أَنْفُسَهم بالكفر والمعاصي، فسترهم وأمهلهم
٣٢٢
في الدنيا. فالمغفرة هنا لغوية، وقيل : يغفر لهم بالتوبة. وقيل : بلا قيد التوبة، بل بمجرد الحلم. قال البيضاوي : وفيه جواز العفو قبل التوبة، فإن التائب ليس على ظلمه، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة باجتناب الكبائر. هـ. ﴿وإنَّ ربك لشديدُ العقاب﴾ لمن يريد تعذيبه، أو للكفار. وعن النبي ﷺ أنه قال :" لَوْلاَ عَفْوُ اللَّهِ وَتَجَاوُزُه مَا هنَأ أَحَد العَيْش، وَلَوْلاَ وَعِيدُهُ وعِقَابُه لاتَّكَلَ كُلُّ أحَد " قاله البيضاوي.


الصفحة التالية
Icon