وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : آيست من نفع نفسي لنفسي، فكيف لا آيس من نفع غيري لها، ورجوت الله لغيري فكيف لا أرجو لنفسي ؟. هـ. فالبصير من اعتمد في أموره على مولاه. والأعمى من ركن في حوائجه إلى سواه. فأنوار التفويض والتسليم لا تستوي مع ظلمات الشرك والتدبير. ﴿قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور﴾. بالله التوفيق.
٣٣٠
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٢٩
قلت :(جُفاء) : حال. و(الحسنى) : مبتدأ، و(للذين) : خبر مقدم. و(الذين لم يستجيبوا) : مبتدأ و(لو أن) : خبر، أو (الذين) : متعلق بيضرب، و(الحسنى) : نعت لمصدر محذوف، و(الذين) : معطوف على (الذين) الأولى، أي : يضرب الأمثال للذين استجابوا الحسنى وللذين لم يستجيبوا، ثم استانف قوله : لو أن... إلخ.
يقول الحق جل جلاله :﴿أنزل من السماء﴾ أي : السحاب، أو ناحية السماء، ﴿ماءً﴾ ؛ مطراً ﴿فسالتْ﴾ به ﴿أودية﴾ : أنهار، جمع وادٍ، وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة، فاتسع واستعمل للماء الجاري فيه. ﴿بقَدَرها﴾ أي : بقَدَر صغرها وكبرها، كل يسيل على قدره، أو بقدر ما قسم في قسمة الله تعالى، وعلم أنه نافع غير ضار، ﴿فاحتمل السيلُ زَبَداً﴾ أي : رفعه على وجه الماء، وهو ما يحمله السيْل من غذاء ونحوه، أو ما يطفو على الماء من غليانه، ﴿رابياً﴾ : عالياً على وجه الماء، ﴿ومما تُوقدون عليه في النار﴾ من الذهب وفضة، وحديد ورصاص ونحاس وغيره، ﴿ابتغاءً﴾ أي : لطلب ﴿حليةٍ﴾ كالذهب والفضة، ﴿أو متاع﴾ كالحديد والنحاس يصنع منه ما يتمتع به ؛ من الأواني وآلات الحرب والحرث. والمقصود بذلك : بيان منافعها، فكل واحد منهما له ﴿زَبَدٌ مثله﴾ أي : مثل زبد الماء، وهو خبثه الذي تخرجه النار عند سبكه.