وتارة ترد عليه الخواطر والهواجس الردية فتحطه إلى أرض الحظوظ بغتة، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً في سابق علمه، فإذا أراد الله عناية عبد قلّل عنه مدد الأغيار، حتى يراها كل شيء، وقواه بمدد الأنوار حتى يغيب عنه كُل شيء فتذهب عنه ظلمة الأغيار وإذا أراد الله خذلان عبد قطع عنه مدد الأنوار، وقوى عليه مدد الأغيار، حتى ينحط إلى الدرك الأسفل من النار، والعياذ بالله من سوء القضاء والقدر، وإليه الإشارة بقوله :﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة﴾ الآية. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١
قلت :(بطراً ورئاء) : مصدران في موضع الحال، أي : بطرين ومراءين، أو مفعول لأجله، و(ويصُدُّون) : عطف على (بطراً) ؛ على الوجهين، أي : صادين، أو للصد.
٣٣
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها آمنوا إذا لَقيتُم فئةً﴾ ؛ جماعة من الكفار عند الحرب ﴿فاثبتُوا﴾ للقائهم، ولا تفروا، ﴿واذكروا الله﴾ في تلك الحال سراً داعين له، مستظهرين بذكره، متوجهين لنصره، معتمدين على حوله وقوته، غير ذاهلين عنه بهجوم الأحوال وشدائد الأهوال ؛ إذ لا يذكر الله تعالى في ذلك الحال إلا الأبطال من الرجال ﴿لعلكم تفلحون﴾ بالظفر وعظيم النوال. قال البيضاوي : وفيه تنبيه على أن العبد ينبغي ألا يشغله شيء عن ذكر الله، وأن يلتجئ إليه عند الشدائد ويقبل عليه بشراشره، فارغ البال، واثقاً بأن لطفه لا ينفعك عنه في جميع الأحوال. هـ.