يقول الحق جل جلاله :﴿ولو أن قرآناً﴾ أنزل عليك، من صفته :﴿سُيِّرت به الجبالُ﴾ أي : زعزعت عن مقارها، ﴿أو قُطعَت به الأرضُ﴾ : تصدعت وتشققت من خشية الله عند قراءته، أو : تشققت فجعلت أنهاراً وعيوناً، ﴿أو كُلِّمَ به الموتى﴾ ؛ فتجيب من قبورها جهراً، لمّا آمنوا ؛ لعنادهم وغلبة الحسد عليهم. فهذا كقوله تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلاائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَىا وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوا﴾ [الأنعام : ١١١]، أو : ولو أن قرآناً بهذه الصفة : من تسيير الجبال، وتقطيع الأرض، وتكليم الموتى، لكان هذا القرآن ؛ لأنه الغاية في الإعجاز، والنهاية في التذكير والإنذار، والأرل أرجح ؛ لمناسبة ما قبله وما بعده.
رُوي أن قريشاً قالوا : يا محمد، إنْ سَرَّك أن نتبعك فَسَيِّرْ بقرآنك الجبالَ عن مكة، حتى تتسع لنا فنتخذها بساتين وقطائع. أو سخر لنا به الريح لنركبها، فَنَتَّجِرَ بها إلى الشام. أو ابعث لنا قُصَيَّ بن كلاب فإنه شيخَ صِدْقٍ، أو غيره من آبائنا، فيكلمونا فيك، ويشهدوا لك بما تقول. فنزلت الآية.


الصفحة التالية
Icon